رسامون مجهولون ما زالوا أمامك
يلعبون، ويرسمون المطلق الأبدي
أبيض، كالغيوم على جدار الكون ...
والشعراء يبنون المنازل بالغيوم
ويذهبون ...
زجاج نصف معتم
1
تتحدث مع صديق لك، فتحس أن ما تريد قوله يقف تقريبا في متناول أصابعك، تكاد أن تمسه، لكنك لا تستطيع، تتلجلج لوهلة، كأن الكلمات تقف على طرف لسانك، لكنها لا تريد أن تخرج، فتبدأ من جديد: «كأن ...»
كأعمى يحاول أن يعرف العين، أو المرآة، أو المصباح، ستحاول أن تتحدث عن هذا الذي لا تستطيع الإمساك به بشكل كامل، من خلال استخدام مفردات وصور لأشياء تعرفها، وتألفها. سيغدو المعنى أحيانا عصفورا عنيدا، يهرب منك كلما حاولت إمساكه، قد تراه بشكل غائم، وقد لا تراه على الإطلاق. تتحول إلى صياد من نوع خاص، يحاول أن يمسك العصفور، فإن لم يستطع فسيحاول أن يتمثل صورته، فإن لم يستطع فقد يرضى حتى بالإمساك بظله ولو لوهلة. ستغدو كمن ينظر إلى العالم من وراء زجاج معتم، أو نصف معتم، ويجتهد مع ذلك في محاولة معرفة ووصف ما يراه . ستغدو كمن ينظر إلى ذاته في مرآة متسخة، حتى تتعب عيناه.
الشعر أحيانا كالحلم؛ مليء بالسحر، لكنه لا يخلو من الغموض، وكالحلم الذي تعلمنا ألا نشيح بأنظارنا عنه حين لا نفهمه بالكامل، سنعيد قراءة القصيدة مرة ومرة، حتى نتواصل معها، دون أن نتأكد من معناها بالكامل أحيانا. ينظر أحدهم إلى النص، فيصرف نظره عنه سريعا؛ قد يقول البعض كما قيل لأبي تمام: «لم لا تقول ما يفهم؟!» سيراهن آخر على أن الشاعر نفسه لا يعرف معنى ما كتبه؛ يتحيز هنا للسهل، والواضح، والبسيط، مع أن الحياة ليست واضحة دائما، وأحيانا أنت لا تفهم ما في داخلك بشكل كامل.
Unknown page