ليس خيرا في ذاته. إن مل
Mill
أشبه بشخص جعل صفة الحلاوة هي الصفة الخيرة الوحيدة في المربى ثم أعلن أنه يفضل مربى تيبري على مربى كروس وبلاكويل، لا لأنها أكثر حلاوة بل لأنها تحوز نوعا أفضل من الحلاوة، وهو إذ يفعل ذلك يكون قد تخلى عن صفة الحلاوة كمعيار نهائي ونصب مكانها صفة أخرى. إذن عندما يتحدث مل، شأن أي شخص آخر، عن لذات «أفضل» أو «أعلى» أو «أرفع» فإنه يتخلى عن اللذة كمعيار نهائي، وبذلك يعترف أن اللذة ليست هي الخير الوحيد. إنه يشعر أن بعض اللذات أفضل من بعض، ويقدر لكل منها قيمتها وفق درجة اشتمالها على تلك الكيفية التي نميزها جميعا ولكن لا يقدر أحد على تعريفها؛ وهي صفة الخيرية
goodness ، فحين نقول: لذات أعلى وأدنى، رفيعة ووضيعة، فنحن نعني ببساطة «لذات» أكثر «خيرا» أو أقل خيرا؛ فهناك إذن كيفيتان مختلفتان؛ اللذاذة والخيرية؛ فاللذة، بين غيرها من الأشياء قد تكون خيرا، ولكن اللذة لا يمكن أن تعني الخير، ونحن لا يمكن بكلمة «خير» أن نعني «لذيذ»؛ لأن هناك كما رأينا صفة، هي الخيرية، متميزة عن اللذة بحيث إننا نتحدث عن لذات أكثر أو أقل خيرا دون أن نعني لذات أكثر أو أقل لذاذة، نحن إذن بكلمة «خير» لا نعني اللذة، ولا اللذة هي الخير الوحيد.
ويمضي الأستاذ مور
Moore
قدما ليتساءل أي الأشياء هي خير في ذاتها؛ أي كغاية بتعبير آخر، وخلص إلى نتيجة نوافق عليها جميعا (على قلة من عثر منا في يوم من الأيام على حجج مقنعة ومنطقية تثبت هذه النتيجة): يبين مور أن «حالات ذهنية»
states of mind
معينة هي وحدها الخير بوصفه غاية، أما أولئك الذين لا يسيغون المنطق إلا أقل القليل فسوف يجدون برهانا بسيطا ومرضيا على هذه النتيجة فيما يسمى ب «منهج العزل»
method of isolation .
Unknown page