139

Dirasat Can Muqaddimat Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Genres

فلا شك في نظر فيكو بأن أقدم الأمم هم العبران، ويليهم في القدم الكلدان، فالإسكيت، والفينيقيون، ويلي الفينيقيين المصريون، فالإغريق، فالرومان.

فالمصريون إذن هم الشعب الخامس في ترتيب الشعوب من حيث القدم، فهم أحدث من العبران والكلدان والفينيقيين.

ومع هذا يقول فيكو إن المصريين خدموا التاريخ خدمة عظمى؛ لأنهم خلفوا لنا حقيقتين تاريخيتين هامتين، لا تقلان أهمية وعظمة عن أهرامهم الجبارة.

الحقيقة الهامة الأولى؛ هي أنهم كانوا يقسمون تاريخهم إلى ثلاثة عهود وأدوار؛ دور الآلهة، دور الأبطال، دور البشر.

وأما الحقيقة الهامة الثانية؛ فهي أنهم كانوا يقولون بأن الناس تكلموا في كل دور من هذه الأدوار الثلاثة بلغة خاصة به؛ اللغة الهيروغليفية في دور الآلهة، واللغة الرمزية في دور الأبطال، واللغة العامية في دور البشر.

إن المؤرخ الروماني «فارون» كان يقسم عصور التاريخ إلى ثلاثة أقسام، ويسميها على التوالي؛ الدور المظلم، الدور الأسطوري، الدور التاريخي.

إن الدور المظلم الذي يشير إليه فارون يقابل دور الآلهة عند المصريين، كما أن الدور الأسطوري الذي يذكره المؤرخ المومأ إليه يقابل دور الأبطال، وأما الدور التاريخي الذي يشير إليه فارون فيقابل الدور البشري الذي اصطلح عليه المصريون. (4)

يتمسك فيكو بأهداف هذه الآراء والروايات القديمة تمسكا شديدا، ويتخذها أساسا لتفلسفاته في سير التاريخ، إنه يعمم هذه الأدوار الثلاثة على جميع الأمم في جميع العصور، ثم يمزجها بمذهب «الدورات»

Cycles

الذي كان يقول به الفيثاغوريون، ويوجد بذلك نظريته الأساسية في حياة الأمم.

Unknown page