Dima Cala Bawabat Calam Sufla
دماء على بوابات العالم السفلي: دراسة أثرية حضارية
Genres
46
ولكي يتحقق هذا الخير والنماء كان لا بد من إرضاء النيل، ويقال إنه كانت هناك عادة تقام سنويا عند المصريين القدماء حيث كانوا يقدمون لنهر النيل كل سنة أضحية بشرية لتجنب غضبه وفيضاناته وتكون هذه الأضحية أنثى، وهذا هو ما نعرفه حاليا فيما يسمى بعيد وفاء النيل وما ارتبط به من فكرة «عروس النيل» التي يقال إنها عبارة عن طقوس تؤدى جنوب نيل مصر عند المنابع، حيث كان يتم إلقاء فتاة جميلة الوجه، مليحة القد، حسنة الهيئة في نهاية الطقوس وسط مياه النيل حتى يفيض النيل ويفي مرة أخرى، هي فكرة خاطئة ومبالغ فيها؛ لأن المصري القديم لم يكن يفعل ذلك وقد كذب «هيرودوت» وأساء فهم ما كان يحدث، وهو أن المصري كان يلقي مجرد دمية أو عروس صغيرة الحجم تمثل إله النيل نفسه وذلك بعد حرق البخور وذبح الأضاحي ضمن طقوس خاصة بوفاء النيل، وتحور الأمر بأنها تضحية بشرية بكل أسف.
47
ويقال إن هذه العادة ظهرت بعد أن قدم الملك إيجبتوس ابنته قربانا لنهر النيل تجنبا لغضب الآلهة، وقد رمى الملك نفسه في النيل منتحرا بعد ابنته. وأكد علماء المصريات أن إيجبتوس شخصية خرافية، وأن سجلات المصريين القدماء لا تحتوي على أي دليل يثبت حدوث هذه الممارسات.
ومن ثم كان النيل بريئا من فكرة عروسه المزعومة، ولعل ما حدث أثناء تولي سيدنا عمرو بن العاص القيادة في مصر عندما أرسل لخليفة رسول الله سيدنا عمر بن الخطاب قائلا: «من عمرو بن العاص إلى خليفة رسول الله، يقولون: إن نيل مصر لن يفيض هذا العام لوجود عادة ضرورية وهي إلقاء فتاة جميلة عند منابع النيل، فانظر ماذا ترى؟» وهنا رد عليه عمر بن الخطاب قائلا: «من خليفة رسول الله إلى نيل مصر، إن كنت تفيض من عندك فلا تفض، وإن كنت تفيض من عند الله منزل الغيث فأفض.» وهنا رد جميل واضح رفض عمر بن الخطاب لهذا كله، وبالفعل فاض النيل بدون عروس أو فداء أو تضحية.
48
الفصل الثالث
قرابين الأضاحي البشرية في بعض المجتمعات الأفريقية
أطلق اسم أفري على العديد من البشر الذين كانوا يعيشون في شمال أفريقيا بالقرب من قرطاج، ويمكن تعقب أصل الكلمة إلى الفينيقية أفار بمعنى «غبار» إلا أن إحدى النظريات أكدت عام 1981م أن الكلمة نشأت من الكلمة البربرية أفري أو أفران وتعني الكهف، في إشارة إلى سكان الكهوف، ويشير اسم أفريقيا أو أفري أو أفير إلى قبيلة بني يفرن البربرية التي تعيش في المساحة ما بين الجزائر وطرابلس (قبيلة يفرن البربرية). ويعتقد علماء الأجناس أن أفريقيا هي المصدر الأساسي للجنس الزنجي ذوي الرءوس الصغيرة والجباه المستديرة والفك العلوي البارز ذي الشفاه الغليظة المقلوبة والأنف العريض والبشرة السوداء والشعر الصوفي النادر على الجسم واللحية، والتكوين الجسماني ذي العجز القصير والظهر الأطول والمناكب العريضة، ونلاحظ طول الذراعين عن العضد، والساق أطول من الفخذ والكعب البارز والقدم المسطح. وينقسمون إلى قسمين هما الشعوب السودانية في الشمال والبانتو في الجنوب.
1 (1) السحر والدين في أفريقيا
Unknown page