123

علية :

لقد أقلعت اليوم على ظهر باخرة إيطالية، وأنا التي قمت بتدبير سفرها وإخراج جوازها، وبالإجمال أنا التي سعيت في تسهيل فرارها، وفي الأوراق التي بيدكم جميع الأدلة التي تثبت إدانتي.

شريف (يعيد النظر في الأوراق) :

ما هذه الجرأة يا علية؟ أفي هذه السن تتدخلين في مثل هذه المسائل الخطيرة؟ إنه لعمل خطير، هذه مجازفة مشينة، ولقد ارتبكت الآن وصرت في أحرج المواقف.

علية :

لا أعلم أهو أمر خطير أم تافه! ولا أدري أهو عمل قبيح أم جميل! بل غاية ما أعلم أن امرأة بائسة ساقها القدر إلي ... التجأت إلى منزلي في منتصف الليل حيث كان يطاردها رجال مسلحون كما تطارد الوحوش في الأدغال، استنجدت بي وقالت إنها لم تجد في القاهرة على اتساعها من تلجأ إليه سواي، نعم سواي أنا الفتاة التي تحمل قلبا فتيا نقيا وافر الإشفاق والعطف ... فضلا عن ذلك فقد كانت لسنية، رغم عيوبها ومساوئها، مكانة في قلبي مشمولة بالمحبة والاحترام؛ لهذا لم أجد مفرا من الإذعان لنداء القلب، ووحي العاطفة، ففعلت ما فعلت.

شريف :

نداء القلب، وحي العاطفة، هذه هي النغمة التي ترددها الإنسانية العاجزة على الدوام، وها أنت اليوم أصبحت في أسوأ مركز أتصوره؛ لأنك مسئولة عن سنية، ولكن (بعد تردد قصير كأنما هو في نزاع داخلي يتكلم بصوت خافت)

ولكنني سأحتفظ بهذه الأوراق، وسأتخذ إجراءات أخرى في اقتفاء أثر تلك المجرمة الفارة، وسأسدل الستار على جريمتك يا علية. (مبتسما)

وها أنا ذا أناقض نفسي لأول مرة في حياتي، ولكن يجب أن لا يفوتك يا علية أنني إنما أحيد عن مبدئي للمرة الأولى والأخيرة، وفقط من أجلك.

Unknown page