إليه الفعل، وإن سمى أمرا، وأنتم لا يمكنكم أن تنقلوا عن أهل اللغة أن كل ما سمى أمرا - وإن لم يكن قولا - يقتضي مأمورا به ومأمورا.
ويقال لهم فيما تعلقوا به رابعا: إن الوصف بالطاعة والمعصية أيضا لا يليق إلا بالامر الذي هو القول للعلة التي ذكرناها، وهو أن المطيع من فعل ما أمر به، والعاصي من خالف ما أمر به، والامر الذي هو الفعل لا يقتضي طاعة ولا معصية، لأنه لا يتعلق بمطيع ولا عاص.
على أن قولهم إن دخول الطاعة والمعصية علامة لكون الامر أمرا، ينتقض بقول القائل لغلامه: أريد أن تسقيني الماء، ونحن نعلم أنه إذا لم يفعل يوصف بأنه عاص، وإذا فعل يوصف بأنه مطيع، وقد علمنا أن قوله: أريد أن تفعل، ليس بأمر، لفقد صيغة الامر فيه، فبطل أن تكون الطاعة أو المعصية موقوفة على الامر.
ويقال لهم فيما تعلقوا به خامسا: إن النهى نقيض الامر الذي هو القول، دون الفعل، فمن أين لكم أن النهي نقيض كل ما
Page 32