وفي سنة 1557 مسيحية تزوج الأمير محمد بن جمال الدين ابنة الأمير علم الدين سليمان بن محمود التنوخي وأزوج شقيقته جليلة من الأمير منذر ابن الأمير علم الدين المذكور، ولما كان سنة 1570 مسيحية سار الأمير محمد في جماعة من رجاله من بيروت إلى قبرس، وحضر المواقع التي أجراها الوزير مصطفى لالا باشا لفتح قبرس، ولما تم فتحها خلع الوزير على الأمير خلعة، وكتب إلى أحمد باشا والي دمشق يوصيه بالأمير؛ فعاد الأمير مسرورا، ثم توفي الأمير محمد ابن الأمير جمال الدين محمد في سنة 1014 هجرية وعمره سبعون سنة وله الأمير مذحج من زوجه جميلة ابنة الأمير علم الدين سليمان ابن الأمير محمد التنوخي، وكان الأمير محمد سريع الخاطر عالما ببعض الفنون الأدبية شجاعا كريما فصيحا، ثم توفي الأمير محمد ابن الأمير عز الدين ابن الأمير زين الدين صالح، وهو سبط الأمير طرباي ابن الأمير علي الحارثي، وكانت وفاته في سنة 1020 وله الأمير مراد والأمير قايتباي، ثم توفي الأمير سعيد ابن الأمير شرف الدين علي في السنة نفسها وله الأمير ظاهر. وفي سنة 1615 مسيحية حدثت موقعة في الناعمة بين الأمير يونس والأمير علي المعنيين زعيمي القيسية وبين الشيخ مظفر علم الدين والأمير مذحج بن محمد - وهما زعيما اليمنية - فانهزم اليمنية، وقتل منهم مائتا رجل من القيسية، ثلاثون رجلا، واختبأ الأمير مذحج، ثم أرسل الأمير علي المعني رجال الشوف، فنهبوا الغرب والجرد والمتن وأحرقوا قراها، وأمر بهدم داري خاله الأمير محمد جمال الدين في الشويفات وعرمون، وكانتا متقنتين جدا.
ثم توفي الأمير مذحج ابن الأمير محمد في سنة 1026، وله: الأمير يوسف، والأمير عز الدين، والأمير يحيى من زوجه صفية ابنة الأمير منصور ابن الأمير حسن العساف التركماني، ثم توفي ولده الأمير يوسف في سنة 1035، وله الأمير سليم والأمير قاسم، ثم توفي أخوه الأمير يحيى في سنة 1042، وله: الأمير فخر الدين، والأمير محمود من زوجه السيدة نفيسة ابنة الأمير يوسف باشا بن سيفاء، ثم توفي الأمير مراد ابن الأمير محمد ابن الأمير عز الدين في سنة 1045، وله الأمير صالح والأمير قرقماز والأمير غازي. ثم توفي الأمير عز الدين ابن الأمير مذحج، وولد له الأمير عبد اللطيف، وكانت وفاته في سنة 1050، ثم توفي الأمير فخر الدين ابن الأمير يحيى وعمره ثمان وثلاثون سنة، وكانت وفاته في سنة 1063 وله الأمير سليمان والأمير غصن وأمهما سلمى ابنة الأمير علي علم الدين، ثم توفي الأمير قايتباي ابن الأمير محمد وله الأمير عساف، وكانت وفاته في سنة 1066، ثم توفي أخوه الأمير غازي في سنة 1072 وله الأمير نجم. وفي أواخر هذه السنة نفسها توفي الأمير عبد اللطيف ابن الأمير عز الدين، وله الأمير جمال الدين والأمير ناصيف، وفي هذه السنة أيضا توفي الأمير محمود ابن الأمير يحيى وله الأمير سليم، ثم توفي الأمير عبد الله ابن الأمير هاني ابن الأمير مفرج في سنة 1075 بلا عقب، ثم توفي الأمير حسين ابن الأمير قاسم ابن الأمير ظاهر في سنة 1083، ثم توفي الأمير سليم ابن الأمير محمود في سنة 1092 وله الأمير فارس والأمير موسى فتوفيا بلا عقب، ثم توفي الأمير غصن ابن الأمير فخر الدين ابن الأمير يحيى في سنة 1095 / 1683، وتوفي الأمير حسن بن الأمير قرقماز ابن الأمير مراد في سنة 1100 / 1688 وله الأمير فهد، ثم توفي الأمير نجم بن عبد الله بن قاسم بن يوسف في سنة 1101 / 1689 ودفن في قرية بشامون وهو دون البلوغ، فبنى له جده القبة المعروفة به، ثم توفي الأمير فارس ابن الأمير محمود ابن الأمير يحيى في سنة 1105، ولم يولد له ذكر، ثم توفي الأمير سليمان ابن الأمير فخر الدين ابن الأمير يحيى في 1107 وعمره خمسون سنة وله الأمير حيدر، وكان فصيحا كريم الأخلاق كلفا بالعلم والاطلاع على السير.
وفي هذه السنة نفسها توفي الأمير جمال الدين ابن الأمير عبد اللطيف ابن الأمير عز الدين بتولا، ثم توفي الأمير عز الدين بتولا، ثم توفي الأمير عساف ابن الأمير قايتباي ابن الأمير محمد في سنة 1113 وله الأمير محمد والأمير نعمان، ثم توفي الأمير سليمان ابن الأمير مذحج في سنة 1120 وعمره مائة سنة، ودفن في عين عنوب، وله الأمير يوسف من زوجه ابنة الأمير ملحم معن شقيقة الأمير أحمد معن آخر وال من بني معن على جبل الشوف، ثم توفي الأمير موسى ابن الأمير سليم ابن الأمير محمود ابن الأمير يحيى بلا عقب في سنة 1124، ثم توفي الأمير عبد الله ابن الأمير قاسم ابن الأمير يوسف في قرية بشامون في سنة 1125، ثم توفي والده الأمير قاسم المذكور في سنة 1128 وله الأمير علي، ثم توفي الأمير شديد ابن الأمير يوسف ابن الأمير سليم في ريعان شبابه، وذلك في سنة 1132، وكان ذا منزلة سامية. وفي سنة 1135 توفي والده الأمير يوسف، ودفن في قرية عين عنوب وعمره سبع وثمانون سنة، وكان جليلا حكيما بعيد الهمة حزوما، ولي إمارة جبل لبنان باتفاق من أهله في سنة 1121، وفر الأمير حيدر الشهابي إلى كسروان، ثم بعد أشهر أرسل بشير باشا والي صيدا إلى الجبل الشيخ محمودا أبا هرموش، وكان قد استحصل له رتبة مير ميران مع لقب باشا، فلم يتفق مع الأمير يوسف والتمس من والي الإيالة أن تكون ولاية الجبل للأمير يوسف علم الدين وابن عمه الأمير منصور، فصدر أمره بذلك، وعاد الأمير يوسف أرسلان إلى بيته؛ ولهذا اعتزل هو وعشيرته واقعة عين دارة التي كانت في سنة 1122. ولما تمكن الأمير حيدر من الولاية وقهر اليمنية انتزع الشحار وثلث الغرب من ولاية الأمير يوسف المذكور، وعهد بولاية ذلك إلى من أعانه على قتال ابن هرموش وحزبه، وجعل ذلك للأمير يوسف مجازاة له على ما بدا منه في أول الأمر وقصدا لإضعافه في المستقبل، ثم لم يزل الأمر بينهما على غير استواء حتى توفي الأمير يوسف وتولى الغرب بعده الأمير إسماعيل. وفي سنة 1135 / 1712 توفي الأمير حيدر ابن الأمير سليمان ابن الأمير فخر الدين، وله: الأمير منصور، والأمير محمد، والأمير حسين، والأمير فخر الدين. ثم توفي الأمير محمد ابن الأمير غصن ابن الأمير فخر الدين في سنة 1136 وله الأمير بشير، ثم توفي الأمير عز الدين ابن الأمير زين الدين ابن الأمير صالح ابن الأمير مراد في سنة 1138 وله الأمير يحيى والأمير صالح ، ثم توفي الأمير علي ابن الأمير قاسم ابن الأمير يوسف بلا عقب، وكانت وفاته في سنة 1142، ثم توفي الأمير سليمان ابن الأمير غصن ابن الأمير فخر الدين بلا عقب، وكانت وفاته في سنة 1146.
وفي سنة 1151 / 1733 توفي الأمير علي ابن الأمير نجم ابن الأمير مراد وله الأمير فارس والأمير منصور، وفي سنة 1152 توفي الأمير نعمان ابن الأمير عساف ابن الأمير قايتباي بلا عقب، وفي هذه السنة نفسها توفي أيضا الأمير منصور ابن الأمير حيدر ابن الأمير سليمان وله الأمير حيدر والأمير قاسم، فالأمير حيدر قتل في سنة 1165 / 1751، وتوفي الأمير عساف ابن الأمير قايتباي وهو شاب في سنة 1170 / 1756، وتوفي الأمير محمد ابن الأمير حيدر ابن الأمير سليمان في سنة 1172 وله الأمير حمد والأمير بشير. وفي هذه السنة أيضا توفي الأمير يحيى ابن الأمير عز الدين ابن الأمير زين الدين بلا عقب، وتوفي أخوه الأمير صالح ابن الأمير عز الدين سنة 1175 بلا أولاد أيضا، وفي سنة 1178 توفي الأمير بشير ابن الأمير محمد ابن الأمير غصن وله الأمير محمد، وفي سنة 1183 توفي الأمير حمد ابن الأمير محمد ابن الأمير حيدر ، ولم يولد له ذكر. وفي سنة 1184 / 1770م توفي الأمير إسماعيل ابن الأمير يوسف ابن الأمير سليم أمير الغرب وعمره ست وثمانون سنة ودفن في عين عنوب، ولم يولد له سوى ابنة، وكان حليما عادلا مفرطا في كرمه إلى حد أن كاد أن ينفق جميع ماله مع ما كان عليه من السعة؛ إذ كانت أملاكه ممتدة من نهر الدامور إلى نهر الكلب، وكان قد تزوج بالأميرة زليخا الشهابية، ولم يولد له منها ولد، ثم تزوج بابنة عمه بدر السماء ابنة الأمير حمد بن محمد فولد له منها بنت تزوجها الأمير أفندي ابن الأمير بشير، وادعى الأمير يوسف الشهابي بعد موت الأمير إسماعيل أن أملاك المتوفى موصى له بها، وساعدته زليخا على ذلك لأنها من ذوات قرباه فنال مرامه، وخصوصا لأنه كان حاكما تعينه سطوته على بغيته، فاستولى على جميع تلك العقارات، وأعطى بعضا منها لأقاربه وبعضا لابنه الأمير إسماعيل. وفي سنة 1186 توفي الأمير محمد ابن الأمير بشير ابن الأمير محمد ابن الأمير غصن وهو شاب، ثم توفي الأمير قاسم ابن الأمير منصور ابن الأمير حيدر في سنة 1172، ثم توفي في سنة 1195 الأمير فخر الدين ابن الأمير حيدر ابن الأمير سليمان، وله الأمير عباس والأمير يونس من زوجه السيدة سعود الشهابية. وفي سنة 1197 توفي أخوه الأمير حسين ابن الأمير حيدر بتولا، وفي سنة 1205 توفي الأمير علي ابن الأمير بشير ابن الأمير محمد ابن الأمير حيدر وعمره خمسون سنة وله الأمير بشير، وكان شجاعا كريما فصيحا. وفي السنة نفسها توفي أخوه الأمير أفندي ابن الأمير بشير وعمره خمس وأربعون سنة، وولد الأمير يوسف والأمير قاسما، فتوفي ابنه الأمير يوسف في 1209، وفي هذه السنة نفسها توفي قبل وفاته الأمير أسعد والأمير أحمد ابنا الأمير عباس في ريعان الشباب بمرض الطاعون.
وفي سنة 1210 توفي الأمير بشير ابن الأمير محمد ابن الأمير حيدر وعمره نحو مائة سنة، وفي سنة 1216 توفي الأمير حمود ابن الأمير يونس بن فخر الدين بن حيدر شابا وذلك في قرية كفر قاهل من كورة طرابلس، وكان نجيبا ذكيا. وفي سنة 1224 توفي الأمير عباس ابن الأمير فخر الدين بن حيدر بن سليمان بن فخر الدين بن يحيى بن مذحج وعمره ثمان وخمسون سنة، ودفن في الشويفات وله أربعة أولاد: منصور، وحيدر، وأحمد، وأمين. وكان طويلا أبيض حسن الخلق والخلق، عاقلا فطنا فصيحا، حضر وقائع الجزار سنة 1206 وبدت فيها شجاعته، واتحد مع الأمير بشير عمر حين قدم واليا سنة 1797. ولما دهمت عساكر الجزار الشويفات في سنة 1800 وذلك لتولية ابني الأمير يوسف الشهابي التقاهم الأمير عباس وأخوه الأمير يونس مع الأمير حسن عمر الشهابي، وكانوا نحو عشرة آلاف مقاتل، فهزمهم الأمراء وتولت الأمر بعد وفاة زوجها الأميرة حبوس؛ وذلك لذكائها وصغر أولادها. واشتهرت بسداد الرأي في السياسة والإغاثة للناس، ولكنها كانت شديدة مع ذلك على من لم يكن من حزبها، وكانت تغلظ له المعاملة. وفي سنة 1237 / 1820 توفي الأمير يونس بن فخر الدين أخو الأمير عباس وله من العمر ستون سنة، وقد ولد حسنا، وكان شجاعا يحب مطالعة التواريخ، وفي سنة 1821 مسيحية حضر الأمير أحمد أخو منصور وحيدر وأمين - وهم ولد الأمير عباس - وقعة المزة مع الأمير بشير عمر الشهابي، فامتاز بالشجاعة. ولما عاد الأمير بشير من مصر واليا جعله على المقاطعة، وكان ذلك في سنة 1822 مسيحية، فانتقلت والدته بولديها إلى بشامون، وصادرها الأمير المذكور بمال لها فتوفيت في تلك الأثناء. وفي سنة 1239 / 1823 توفي الأمير منصور ابن الأمير عباس بن فخر الدين بداء الجذام وله سليم، وكان طويل القامة أبيض اللون عريض الصدر شديد البأس، فارسا مغوارا، ماهرا بإطلاق الرصاص والمثاقفة. واشتهر الأمير أمين والأمير أحمد في عدة مواقع جرت مع العرب شهرة عظيمة، وكان الأمير حيدر باللجاة فارا من وجه عسكر وزير دمشق. وفي سنة 1249 / 1833 توفي الأمير قاسم بن أفندي بن بشير بن محمد بن حيدر بن سليمان بن فخر الدين وعمره سبع وأربعون سنة وله محمد.
وفي سنة 1840 ولي الأمير أمين بأمر من عباس باشا على الغرب الأسفل والساحل، وكان للأمير أحمد وللأمير أمين في حروب النصارى والمدافعة عن الشويفات في عدة وقائع فعال مشهورة. وفي سنة 1254 توفي الأمير علي بن الأمير بشير بن علي بن بشير بن محمد بن حيدر بن سليمان بن فخر الدين بتولا أيضا، وانقطعت بوفاتهما سلالة الأمير بشير المعروف بأبي علي، وبعد سنة من وفاة الأمير خليل توفي والدهما الأمير بشير المكنى بأبي علي، وكانت وفاته في سنة 1251 / 1842، وفي هذه السنة نفسها قبض على الأمير أحمد وأرسل إلى الآستانة، واتهم الأمير أمين بالممالأة على عمر باشا المعروف بالمجري، فذهب إلى الآستانة لتبرئة ساحته وتخليص أخيه، وعاد في سنة 1843 مسيحية، وفي سنة 1264 / 1847 توفي الأمير أحمد ابن الأمير عباس بن فخر الدين في الغدير من أرض الشويفات بالداء المعروف بالريح الأصفر، ودفن في مقام الأمير عمرو الأوزاعي وله خليل، وكان طويلا أسمر مهيبا باسلا حزوما رءوفا محبا للسلامة سريع الرضا عالي الهمة مقداما، خاض بحر السياسة والأحكام منذ صبائه، واقتحم الأخطار منذ نعومة أظفاره. وفي سنة 1269 / 1852 توفي الأمير حسن ابن الأمير يوسف بن فخر الدين بن حيدر في الشويفات فجأة، ودفن في القبة وعمره أربع وخمسون سنة وله أربعة أولاد: سعيد، ومسعود، وحمود، ومحمود. وفي سنة 1275 توفي الأمير أمين ابن الأمير عباس بن فخر الدين بن حيدر وله محمد ومصطفى، وفي سنة 1279 توفي الأمير محمد ابن الأمير قاسم بن أفندي بن بشير بن محمد منفيا في مدينة بلغراد قاعدة بلاد الصرب مع من نفي من سراة جبل لبنان على أثر الحوادث المعروفة بحوادث سنة ستين، وله من العمر خمس وخمسون سنة، وكان كريما جدا ذا بسالة ومروءة، وقد تزوج بابنة الأمير حيدر بن عباس فلم يعقب ولدا. وفي سنة 1285 توفي الأمير محمد ابن الأمير أمين بن عباس بن فخر الدين في الآستانة العلية بتولا، وله من العمر إحدى وثلاثون سنة، وفي سنة 1288 توفي الأمير فريد بن ملحم بن حيدر في الرابعة عشرة من سنه، وفي سنة 1292 توفي الأمير حيدر بن عباس بن فخر الدين في بيروت وعمره خمس وثمانون سنة، وفي سنة 1294 توفي الأمير سعيد بن حسن بن يونس بن فخر الدين في بيروت وله أفندي وعمره ثمان وخمسون سنة، وفي سنة 1296 توفي الأمير ملحم بن حيدر بن عباس وعمره إحدى وستون سنة وله مجيد ورشيد، وفي سنة 1301 توفي ولده الأمير رشيد بداء عصبي في عين عنوب وهو بتول وعمره ثمان وثلاثون سنة، وفي سنة 1305 توفي الأمير حمود بن حسن بن يونس بن فخر الدين في الشويفات وله من العمر ثمان وخمسون سنة وله أربعة: نسيب، وشكيب، وحسن، وأحمد عادل. وكان عاقلا كريما جسورا ذا همة ومروءة ومعرفة، قرأ العربية على المرحوم الشيخ الإمام محيي الدين بن عمر اليافي، وتعلم التركية، وكان يحسن الإنشاء ويقرض الشعر، وفي 1307 توفي الأمير هاني بن عباس بن سليم بن منصور في عين عنوب في الثانية عشرة من عمره.
أما الذين اشتهروا في المتأخرين من أمراء آل أرسلان فهم:
السيدة حبوس
ابنة الأمير بشير بن محمد بن حيدر بن سليمان بن فخر الدين بن يحيى بن مذحج بن جمال الدين أحمد الذي شهد وقعة مرج دابق بين السلطان سليم وقانصوه الغوري، ولدت في الشويفات من قرى لبنان سنة 1182، وكانت بمنزلة سامية من سداد الرأي وشدة الذكاء وصفاء الإدراك وعلو الهمة وكرم اليد والنفس، تزوجت بالأمير عباس بن فخر الدين، وكانت تجالس الرجال وتسطو عليهم بفصاحتها فتقودهم بأفكارها، وكانت شديدة النصرة لمن لجأ إليها فتعينه على قضاء حاجاته، ولا تضن بالنفقة عليه إذا مست الحاجة إلى بذلها، وأما من خالفها في المشرب، وتحيز لضدها فكانت تبالغ في الانتقام منه حتى تفقده كل حق له بما كان لها من الكلمة النافذة عند الحكام. وفي سنة 1208 ولاها الأمير بشير مقاطعة الغرب، فسلكت في الأعمال سلوكا يدل على ذكائها وحذقها، فلما دخل الأمير بشير وأخوه الأمير حسين والشيخ بشير جانبلاط سجن أحمد باشا الجزار بعكة أمدت الأمير بشيرا بالمال، وسخت بالنفقة على أهل بيته، وبذلت ما في وسعها لاستمالة الناس إليه، ثم عندما ولى عبد الله باشا على الجبل الأمير حسنا والأمير سلمان من بني شهاب بعد أن أخذ منهما ميثاقا أن يزيدا له في الضريبة على الجبل؛ رحلت هي مع الأمير بشير والشيخ بشير إلى حوران، وكانت تتحدث معهما في أحوال البلاد، وحاربت - فيما يقال العرب - لتعديهم على دروز حوران، واستظهرت عليهم. ولما رجع الأمير بشير إلى ولايته أعادها إلى منصبها، ولكنها في سنة 1237 شاقت الأمير بشيرا؛ إذ سار إلى مصر ليشفع في أمر عبد الله باشا الذي اعتقل، ثم عاد ظافرا بمرغوبه واتحدت مع الشيخ بشير في مقاومة الأمير؛ فصادر الأمير الشيخ على أمواله، وعمل على قهره حتى تحققت له أمانيه بالغلبة عليه سنة 1240، فسارت هي عند ذاك إلى بشامون، فأوعز الأمير بشير المذكور إلى الأمير بشير قاسم أن يصادرها على أموالها فشدد هذا عليها، فلم تلبث أن ماتت بدسيسة وكان عمرها ثمان وخمسون سنة، ودفنت ببشامون ولها الأمير منصور، والأمير أحمد، والأمير حيدر، والأمير أمين. كما تقدم ذكر ذلك.
الأمير أحمد
Unknown page