Dawr Qabail Yamaniyya
دور القبائل اليمانية في نصرة أهل البيت عليهم السلام
Genres
مساعي أمير المؤمنين عليه السلام في منع نشوب الحرب
بذل أمير المؤمنين عليه السلام قصارى وسعه في الحيلولة دون نشوب الحرب التي أشعلها الناكثون، وقد بعث الرجل تلو الرجل لنصح الناكثين ووعظهم، فبعث إليهم صعصعة بن صوحان بكتاب يعظم عليهم فيه حرمة الإسلام، ويعظهم ويدعوهم إلى الطاعة، فلم يلق منهم صعصعة إلا إصرارا على الحرب، فعاد إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال عليه السلام له: ما وراءك يا صعصعة ؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيت قوما ما يريدون إلا قتالك؛ فقال: الله المستعان(62).
ثم بعث إليهم عبدالله بن عباس وقال له: انطلق إليهم فناشدهم وذكرهم العهد الذي لي في رقابهم! فذهب إليهم ابن عباس فلم يصغوا إلى كلامه(63).
ولما رأى أمير المؤمنين عليه السلام إصرارهم على خلافه، وإقامتهم على نكث بيعته، والعمل على حربه، وعلم أنهم لا يتعظون بوعظ ولا ينتهون عن الفساد بوعيد، أمهلهم ثلاثة أيام ليكفوا ويرعووا، ثم قام عليه السلام في أصحابه فأمرهم أن لا يبدأوهم بقتال، ولا يقتلوا مدبرا ولا أسيرا، ولا يمثلوا بأحد (64).
ثم إنه نادى في أصحابه: لا تعجلوا حتى أعذر إلى القوم، ثم دعا عبدالله بن عباس فأعطاه مصحفا وقال له:
امض بهذا المصحف إلى طلحة والزبير وعائشة وادعهم إلى ما فيه، وقل لطلحة والزبير: ألم تبايعاني مختارين ؟! فما الذي دعاكما إلى نكث بيعتي ؟! وهذا كتاب الله بيني وبينكم.
فذهب إليهم ابن عباس فكلمهم فلم يقبلوا قوله، وقالت له عائشة: ارجع إلى صاحبك فقل له: ما بيننا وبينك إلا السيف! وصاح من حول عائشة: ارجع يا ابن عباس لا يسفك دمك!(65)
ثم أمر أمير المؤمنين عليه السلام رجلا من عبدالقيس أن يرفع مصحفا، فرفعه وقام بين الصفين فقال: أدعوكم إلى ما فيه: أدعوكم إلى ترك التفرق وذكر نعمة الله عليكم في الألفة والجماعة! فرمي الرجل بالنبل حتى مات، وقيل: قطعت يده فأخذ المصحف بأسنانه، فرمي حتى قتل(66).
Page 77