Darajat Sitt
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Genres
في شبكات معالجة المعلومات المادية، كالإنترنت، يمكن تعويض العبء الزائد (وإن لم يكن ذلك على نحو تام) المرتبط بوضع أعلى في التسلسل الهرمي بزيادة قدرة الخوادم ومحولات البيانات ذات الصلة. على سبيل المثال، تتمتع محولات بيانات شبكة تجميع الإنترنت بقدرة معالجة أعلى بكثير من الرابط الذي يصل بين جهاز الكمبيوتر الخاص بك ومزود خدمات الإنترنت الذي تتعامل معه، بل من الرابط الذي يصل بين هذا المزود وشبكة تجميع الإنترنت. يظهر السبب ثانية في الشكل
9-1 : حيث يحاول ملايين الأفراد مثلك إرسال رسائل عبر شبكة التجميع، في حين يتشارك معك عدد أقل بكثير من الأفراد في مزود خدمات الإنترنت (يكون مزود خدمة الإنترنت لنقطة تلاقي المصدر (ص) في الشكل
9-1
هو الأعلى منها مباشرة في التسلسل الهرمي)، لكن في الشبكات المؤسسية، لا يمكن للمرء ببساطة زيادة حجم مخه وسرعته بسبب كثرة العمل الذي يجب إنجازه فحسب. من الطبيعي أن يعمل بعض الأفراد بمزيد من الكد أو الكفاءة مقارنة بغيرهم، لكن الحقيقة الراسخة هي أن البشر، خلافا لأجهزة الكمبيوتر، ليس بوسعهم تعديل حجم أمخاخهم ليتناسب مع المهام المتزايدة، ومن ثم إذا زاد معدل نشاط حل المشكلات أو زاد ببساطة حجم المؤسسة، فإن الضغط الناتج على سلسلة الأوامر ينبغي أن يخفف بصورة ما.
من الأساليب الواضحة لتحقيق ذلك تجاوز نقطة التلاقي ذات العبء الزائد عن طريق إنشاء طريق مختصر، ومن ثم إعادة توجيه الازدحام عبر رابط شبكة إضافي، لكن إنشاء روابط جديدة والمحافظة عليها يقلل من مقدار الوقت المتاح أمام الأفراد للإنتاج، ومن ثم يعد كل من الازدحام والروابط أمورا مكلفة. والسؤال هنا: ما أكثر الطرق فعالية للموازنة بين هذين النوعين من التكاليف؟ توصلت أنا وستيف أثناء عملنا على شبكات العالم الصغير إلى أن إضافة طريق مختصر واحد أدى إلى تقليص المسارات بين الكثير من أزواج نقاط التلاقي المتباعدة على نحو متزامن، ومن ثم أدى إلى الحد بفعالية من الازدحام بالعديد من السلاسل الوسيطة الطويلة، ومن خلال الحد على نحو كبير من متوسط الانفصال بين نقاط التلاقي؛ أي جعل العالم صغيرا، تبدو الطرق القصيرة العشوائية وسيلة فعالة للتخفيف من الازدحام، لكن ثمة مشكلتين كبيرتين تتعلقان تماما بهذا التوجه العشوائي؛ أولا: أنه لا يعكس التقسيم حسب الدرجة الذي تتسم به الهياكل الهرمية. ثانيا: أن هذا التوجه يفترض أن الطرق المختصرة المعنية تتمتع بقدرة لا محدودة على نقل البيانات، وذلك من خلال السماح لكل طريق مختصر بتقليص المسافة بين كل أزواج نقاط التلاقي على نحو متزامن، لكن - وكما أكدنا من قبل - هناك قيود مفروضة على قدرات الأفراد في المؤسسات، ومن ثم يمكن لأي رابط التخفيف من الازدحام الكلي بقدر محدود فقط، وتكون النتيجة - كما هو واضح من الخط العلوي بالشكل
9-2 - أن الإضافة العشوائية للروابط تخفف من العبء الواقع على معظم نقاط التلاقي الأكثر ازدحاما، لكن ببطء، ومن ثم يكون نفعها ضئيلا نسبيا في الحيلولة دون الفشل. إن كون العالم صغيرا لا يستتبع بالضرورة أنه يتسم بالكفاءة أو القوة.
شكل 9-2: تؤدي إضافة روابط تجاوز للهيكل الهرمي إلى تخفيف العبء الواقع على نقاط التلاقي الأكثر ازدحاما، بيد أن النتيجة يمكن أن تختلف اختلافا كبيرا حسب كيفية إضافة الروابط، فعندما تضاف عشوائيا (الخط العلوي)، يتطلب الأمر الكثير من الروابط للتخفيف من العبء على نحو ملحوظ، لكن عندما تضاف حسب الطريقة الموضحة في الشكل
9-3 ، يمكن لعدد قليل من الروابط إحداث تأثير كبير. (7) الشبكات متعددة المستويات
إذا لم تجد إضافة الروابط عشوائيا وعلى نحو متسق نفعا في التخفيف من ازدحام المعلومات، فما الذي يمكنه فعل ذلك؟ بوجه عام، هذا سؤال تصعب الإجابة عنه؛ إذ إنه يتطلب توازنا بين القيود المفروضة على القدرات المحلية والأداء العام (على مستوى النظام). ولحسن الحظ، تسفر الطبيعة الطبقية للتسلسل الهرمي عن استراتيجية محلية بسيطة تقترب على نحو مدهش من المثالية، وهي الاستراتيجية الموضحة في الشكل
9-3 ؛ فنظرا لأن جميع عمليات معالجة المعلومات تنتجها نقاط التلاقي التي تمرر الرسائل إلى النقاط المجاورة لها مباشرة في الشبكة، يمكن تخفيف العبء الواقع على أي نقطة تلاق بأكبر قدر ممكن عن طريق ربط نقطتي التلاقي المتجاورتين اللتين يرسل لهما معظم الرسائل. ليس من الجلي تماما سبب نجاح هذه الاستراتيجية المحلية تماما في الحد من الازدحام العام على نحو أقرب للمثالية، ففي النهاية، لا تحذف الرسائل، بل يعاد توجيهها ببساطة، وهذا قد يجعلك تظن أن الازدحام سيزيد في مكان آخر في النظام، لكن نظرا لأن النظام يختار دائما نقطة التلاقي الأكثر ازدحاما للتخفيف من عبئها، ولأن نقاط التلاقي التي تتصل بها تتناول هذه الرسائل بأي حال (كما يشير الشكل
Unknown page