أنت تعلمين أن الحزن والفقر يطهران القلب البشري، وعاقلتنا القاصرة لا ترى شيئا حريا بالوجود إلا اليسر والفرج.
أنت تعلمين الآن أن النفس سائرة نحو النور قهرا من عقبات العمر، ونحن ما برحنا نردد كلامك الذي يدل على أن الإنسان ليس إلا ألعوبة في يد القوة غير المعروفة.
أنت ندمت على بث روح يضعف محبة الحياة الحاضرة، ويميت الشغف بالحياة الآتية، ونحن لم نزل مصرين على حفظ أقوالك.
يا روح سليمان الساكنة في عالم الخلود، أوحي إلى محبي الحكمة ألا يسلكوا سبل القنوط والجحود، فقد يكون ذلك كفارة عن خطا غير مقصود.
نظرة إلى الآتي
من وراء جدران الحاضر سمعت تسابيح الإنسانية؟ سمعت أصوات الأجراس تهز دقائق الأثير معلنة بدء الصلاة في معبد الجمال، أجراس سبكتها القوة من معدن الشواعر ورفعتها فوق هيكلها المقدس: القلب البشري.
من وراء المستقبل رأيت الجموع ساجدة على صدر الطبيعة متجهة نحو المشرق، منتظرة فيض نور الصباح: صباح الحقيقة.
رأيت المدينة قد اندثرت ولم يبق من آثارها غير طلل بال، تخبر الرجال باندحار الظلمة أمام النور.
رأيت الشيوخ جالسين بظل أشجار الحور والصفصاف، وقد جلس الصبيان حولهم يسمعون أخبار اليوم.
رأيت الفتيان يوقعون على القيثارة وينفخون في الناي، والصبايا مسدولات الشعر يرقصن حولهم تحت أغصان الياسمين والفل.
Unknown page