واحتمالهما للعلم والعمل. فلعمري لئن كان لعلي من طول الصحبة وكثرة السماع ومفاوضة الرسول الأ [مر]، والمعرفة، وكثرة الإرشاد للأمة وصحة الرأي وكثرة الصواب، وكان الناس إليه أشد فزعا [و] ظهر من روايته وحاجة الناس إلى فقهه في حياة رسول الله ﷺ وأيام وفاته وأيام أبي بكر، أكثر مما ظهر من أبي بكر في ذلك الدهر، إنه لأفقه منه في الدين وأعلم بأبواب الدنيا.
[و] لئن كان إنما كثر مما نقل الناس عنه لأنه عاش والحادثات تحدث، وبقي حتى كان يستفتى ويفتي ويسأل ويجيب، ويروى عنه في الزمان الذي كان يستفتى فيه مثل أبي هريرة، وأنس بن مالك، وابن عمر، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو، فكان ذلك منه أيام أبي بكر وهي سنتان، وأيام عمر وهي عشر سنين، وأيام عثمان وهي اثنتا عشرة سنة، وأيام نفسه وهي خمس سنين، فليس في ذلك حجة ولا دليل، لأنك تحصي ما يقول الرجل في الدهر الطويل مع كثرة الحادثات، وما يقول الرجل في الدهر القصير مع قلة الحادثات. وإنما ينبغي أن ننظر يوم توفى النبي - صلى الله عليه - من كان أفضل المسلمين، وأفقه في الدين، وأعرف بالأمور، وأصوب رأيا وأشد احتمالا في ذلك الوقت الذي اختير فيه للخلافة، ونحن نعلم أن عليا لو عاش إلى دهر الحسن وابن سيرين لكان قد ازداد فقها وعلما وتجربة على قدره يوم استشهد ﵁.
ولا يجوز أن نقدر الرجل بقدر طول الزمان وكثرة الحادثات، وبقدر قصر الزمان وقلة الحادثات. فلئن صح عندنا وعندكم أن أمورا
1 / 75