أبو بكر يا رسول الله! قال النبي - صلى الله عليه -: الأيمن فالأيمن.
ولم ينقلوا هذا الحديث ليخبروا عن فضيلة أبي بكر ولا عن قرب مقعده ولا عن تقديم عمر له، ولا أن عادة النبي ﷺ كانت التقديم له، ولا قال عمر ذلك على التذكير له. وإنما أرادوا أن يخبروا عن سنة النبي ﷺ في الشرب، وعن فضيلة اليمين على اليسار، وعن التعريف لحرمة المجلس.
ولو كان هذا الخبر في علي وعثمان ما كان الأمر إلا كما أخبروا أنهم لم يقصدوا في الحديث إلا تفضيل اليمين على اليسار.
فإن قالوا: فإن عليا كان أفقه من أبي بكر وأعلم بالحرام والحلال منه. والدليل على ذلك أن كثرة ما نقلوا إلينا من اختياراته وأقاويله في الحادثات، من الحلال والحرام، وأبواب الفقه والفتيا والتأويل، مع كثرة الرواية المسندة، وكان يسأل ولا يسأل، ولم يرجع عن شئ قط، وليس أحد من أصحاب النبي ﷺ إلا وله رجعة وأكثر من ذلك، ولم يسمع لأبي بكر بفتيا كثير ولا كثير رواية، ورأس الدين الفقه فيه والعلم به. فلما كان أبو بكر وعلي بن أبي طالب على ما وصفنا وذكرنا، علمنا أن أفقههما أفضل فضلا وأولى بالإمامة، لأن عمل الفقه أفضل من غيره، لأن أولى الناس بالمسلمين أعلمهم بدينهم، لأن من علم الدين لم يجهل أمر الدنيا، لأن أمور الدنيا مياسرة أو شبيه بعلم المياسرة، وعلم الدين مستنبط وتأويله غامض.
قالت العثمانية عند ذلك: أما العدل والقسط فأن ننظر يوم توفي النبي ﷺ، وأبو بكر وعلي حيان ظاهر أمرهما، معروف قدرهما
1 / 74