ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون﴾ وقال: ﴿فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ ومثله كمثل عيسى إذ يقول: ﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ ومثل عمر في الملائكة مثل جبريل ينزل بالسخط من الله والنقمة، ومثله في الأنبياء مثل نوح كان أشد على قومه من الحجارة إذ يقول: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا﴾ فدعا عليهم دعوة أغرق الله بها الأرض جميعا. ومثله مثل موسى إذ يقول: ﴿ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم﴾. فهذا يدل على أنه كان المفزع والشفيع، والخاصة والثقة وموضع الفضيلة.
وقبل ذلك لما قص النبي ﷺ على أهل مكة كيف أسري به، قالت قريش على التكذيب له - صلى الله عليه -: والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام ثم يكون إقبالها شهرا، وزعم محمد أنه مضى إلى بيت المقدس ورجع من ليلته! فأتوا بأجمعهم أبا بكر ليحتجوا بذلك عليه وليعرفوه خطأه في اتباعه عند أنفسهم، وظنوا أن الجواب في ذلك يمتنع إذ كان قد امتنع عليهم. فأتوا أبا بكر فقالوا: هلك صاحبك! - ألا ترى أنه المذكور بالصحبة، وموضع الحاجة، وأنه المبتدأ والمفزع - زعم أنه أتى بيت المقدس في ليلة وغدا علينا! قال أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، ولئن كان قاله لقد صدق، فما تعجبون من ذلك؟ فوالله إنه ليخبرنا أن الخبر يأتيه من السماء
1 / 69