لأجبتك! وكان عروة قد استعان في حمالة، فكان الرجل يعينه بالفريضتين والثلاث، فمشى إلى أبي بكر فأعطاه عشر فرائض.
ألا ترى كثرة أياديه ونبله وامنعا، وحده وشهامته ورياسته؟ فبهذا وأشباهه يعرف قدر الرجل بمكة وفي قومه، وعند النبي ﷺ وجماعة أصحابه.
ولو لم يعلم من شدة قلبه وصواب رأيه وقوة عزمه وقلة وحشته ويمن بركته إلا أن كبار المهاجرين دخلوا عليه، منهم عمر وعثمان وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في جمع كثيف من المهاجرين، فقالوا بأجمعهم: يا خليفة رسول الله، إن العرب قد انتقضت عليك، وإنك لن تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا، اجعلهم عدة لأهل الردة ترمي بهم نحورهم، وأخرى أنا لا نأمن على المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت بغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه ويعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه [أ] ويفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ، فتكون قد أنفذت الجيش كما أمر النبي ﷺ وقد دفعت بهم أهل الردة، ولأنا نخاف الروم أن تزحف إلينا يومنا هذا.
فلما استوعب أبو بكر كلامهم قال: هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا؟ قالوا: قد سمعت مقالتنا. قال: والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني لأنفذت هذا البعث، ولا بدأت بأولى منه، والنبي ﷺ ينزل عليه الوحي من السماء وهو يقول: "أنفذوا جيش أسامة".
1 / 65