وكيف يظن هذا بأبي حذيفة، ولم يرو عنه في كراهية على حرف قط، ولا قبض لذلك وجها ولا أظهر تعجبا؟
وكيف يظن هذا بالبدريين والمهاجرين الأولين ومنع على القيام بأمر الناس على هذا الوجه وعلى هذا المعنى كفر بالله ورسوله، وكيف يضطغن امرؤ على علي ويسلم قلبه لرسول الله - صلى الله عليه -؟ لأنه إن كان يعتد صنيع علي ذنبا حتى يولد له حقدا والذي تفرد علي بذلك أعظم ذنبا وأجدر أن يولد حقدا. وهذا أفحش قبحا وأبين خطأ من أن يحوجنا إلى كشفه وتبيينه.
وكيف يجوز هذا على أبي حذيفة، ولا نعلم رجلا في الأرض أبعد من حمية الجاهلية منه، ولا أسمح نفسا بما وافق كتاب الله منه. ولقد بلغ من إخلاصه ورسوخ الإسلام في قلبه وحبه عليه وبغضته فيه أن طرح كل ما سواه، وأخرجه ذلك إلى أن زوج أخته فاطمة بنت عتبة ابن عبد شمس من سالم مولى أبي حذيفة، وقال له: والله إني لأزوجكها وأعلم أنك خير منها! فعاتبه على ذلك بعض من نكره ذكره فقال: أفي سالم تعاتبني وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أراد أن ينظر إلى رجل يحب الله بكل قلبه فلينظر إلى سالم.
1 / 61