والصبور، وربما كان السبب الدين، ولكن لا يبلغ الرجل بقوة الدين في قلبه ما لم يشيعه بعض ما ذكرناه أن يمشي إلى السيف، لأن الدين مكتسب مجتلب، وليس بأصلي ولا طبيعي، ولأن ثوابه مؤجل، والخصال التي ذكرناها طبيعية أصلية. وثوابها معجل.
وقد يكون مع الإنسان أسباب محذرة مجبنة، فيكون ركونه وجلوسه طباعا لا يمتنع منه. وربما كانت الأسباب من المشجعات والمجبنات سواء، فيكون جلوسه عن الحرب وقتاله فيها اختيارا، وربما فضلت قوى مشجعاته حتى يكون إقدامه أشرا ومرحا، واهتزازا وطباعا، ولا يكون ذلك طاعة وإن كان في الحكم طاعة. وكذلك الجبن إذا أفرط على صاحبه حتى يكون فراره طباعا لا يكون معصية وإن كان في الحكم معصية.
ولم نرد بهذا الكلام تنقص علي ﵀ ولا إخراجه من الغناء واحتمال المكروه. كما لم نرد تنقص الزبير وأبي دجانة وابن عفراء ومحمد بن مسلمة، ولكن هكذا صفة المستطيع المكلف، والمطيع والعاصي.
وإذا كان مع صاحب الإقدام من الأمور المشجعة أمور فاضلة على أسباب جبنه وجلوسه، كان عند الله غير مأجور وإن كان في الحكم الظاهر مأجورا.
1 / 48