وفرق آخر: أن أمر الغار وقصة أبي بكر وصحبته مع النبي ﷺ وكونه معه فيه، نطق [به] القرآن وصح به الإجماع، كالصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، والغسل من الجنابة، حتى إن من أنكر ذلك عند الأمة مجنون أو كافر، وأمر علي ونومه على الفراش إنما جاء مجئ الحديث، وكما تجئ روايات السير وأشعارها. وهذا لا يوازن ذا ولا يكايله.
وأول مراتب العالم أن يعرف المعارضة والمقابلة، والمنقوص والمتساوي، ولو أن رجلا من أوساط الناس أظهر شكا في قصة علي ومبيته، وقال: قد سمعت ذلك ولعله، ولكني مشفق للذي أعرف من أكاذيب الشيع، وتوليد حمال السير، لم يكن عليه بأس من الإمام.
ولو قال رجل لك، وهو رجل من أوسط الناس: والله ما أدري والله، لعل الله إنما عنى بقوله: ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار﴾ علي بن أبي طالب، لوجد عند الإمام غاية النكير.
وفرق آخر: أنه لو كان مبيت علي على فراش النبي ﷺ جاء مجئ كون أبي بكر في الغار مع النبي، لم يكن في ذلك كبير طاعة، فضلا عن أن يساوي أبا بكر أو يبرز عليه، لأن الذين نقلوا - كاذبين كانوا أو صادقين - أن النبي ﷺ أبات عليا على فراشه، هم الذين نقلوا أن النبي ﵇ قال: "تغش ببردي،
1 / 44