Cumdat Ricaya
عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية
Genres
قلت: قد ظن كثير من أفاضل عصرنا، وبعض من سبقنا أن ((ذخيرة العقبى)) من تأليف حسن جلبي، مؤلف حواشي ((التلويح)) و((المطول)) وغيرها، وهو غلط منهم نشأ من قصر النظر؛ وذلك لأن وفاة حسن كان سنة (ست وثمانين وثمامنئة)، وختام ((ذخيرة العقبى)) كان سنة (إحدى وتسعمئة)(1)، فكيف يمكن أن يكون مؤلفه هو، وأيضا ذكر في ديباجة ((ذخيرة العقبى)): إن من جملة معتبرات الفقه ((شرح الوقاية)) لصدر الشريعة، وقد تصدى بعض من علماء الزمان نحو حل مغلقاته... الخ، وكتب على قول بعض من علماء الزمان أعني شيخنا مولانا خسرو، ومولانا حسن جلبي الفناري، ومولانا عرب، وغيرهم. انتهى.
وهذا نص على كون مؤلف ((الذخيرة)) غير حسن جلبي، وأيضا من طالع ((طبقات الحنفية)) للكفوي، و((الشقائق النعمانية))، و((كشف الظنون)) وغيرها، يعلم قطعا أن مؤلف ((الذخيرة)) غير حسن جلبي، فإنهم يذكرون حسن جلبي، ويعدون من تصانيفه ((حواشي المطول)) وغيرها، ويذكرون أخي جلبي يوسف، وينسبون إليه ((ذخيرة العقبى))، ورسالة جمع فيها المسائل المتعلقة بالكفر، سماها ((هدية المهتدين)).
وأيضا من له قوة إدراك وتمييز يعلم من مطالعة ((ذخيرة العقبى))، ومن مطالعة تصانيف حسن جلبي أنها لغيره؛ فإن تصانيف حسن جلبي كلها مشتملة على تحقيقات منيعة، وتوضيحات لطيفة، تشهد بتبحر مؤلفها، وتوقد طبع مرصفها، بخلاف ((ذخيرة العقبى))، فإنه ليس فيها ما يروي الغليل ويشفى العليل، فضلا عن تلك التحقيقات والتوضيحات، وفيها ما يشهد على أن مؤلفها ليست له ملكة راسخة، ولا قوة كاملة.
Page 105