وأورد لنا صاحب السلوة تاريخًا مدققًا لوفاة عبد الواحد الونشريسي فقال إنه توفي قتيلًا وذلك ليلة الاثنين سابع عشر ذي الحجة الحرام سنة خمس وخمسين وتسعمائة هـ (١)، عن نحو سبعين سنة. وهذا يدل على أنه ولد حوالي سنة خمس وثمانين وثمانمائة (٢).
ولا نعرف للونشريسي ولدًا إلا عبد الواحد هذا، ولا بد لنا من أن نلقي نظرة سريعة على حياته إذ أنه الوحيد الذي عرّفنا المترجمون به من عائلة أبي العباس الونشريسي فنقول: لم يكن في حياة أبيه في جد طلب، بل كان يؤثر الراحة، وزوجه أبوه سنة عشر أو إحدى عشرة فلما أعرس أطلق الفقيه القاضي المفتي أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله اليفرني المكناسي يده على الشهادة، وقال لأبيه أبي العباس هذه هديتي لهذا العرس، يعني الشهادة، وكانت عند هذا القاضي الشهادة بمزية كبيرة (٣).
أخذ العلم عن أبيه وعن ابن غازي والهبطي والحباك وغيرهم، وكان رائق الخط يجيد الإِنشاء والشعر وعقد الشروط والوثائق. تولى بعد وفاة أبيه تدريس المدونة، كما درس ابن الحاجب الفرعي وكان يحضر درسه بعض كبار الفقهاء، منهم الزقاق وابن مجبر والمنجور واليستيني. ومن تآليفه شرح ابن الحاجب الفرعي في أربعة أسفار ونظم قواعد أبيه وغير ذلك (٤).
_________
= ص ٤٥ حاشية رقم ١١: واضطرب قول المنجور في فهرسته، فذكر أولًا في ص ٥٥ أنه ولد بفاس بعد انتقال والده إليها سنة ٨٧٤ هـ، وعاد مرة أخرى فقال ص ٥٤: ولا أعلم عام ولادته غير أن الغالب على ظني أنه في سن السبعين أو ما يقرب منها أي سنة ٨٧٠ هـ. . إلخ. وهنا يجب التنبيه على أن المنجور لم يضطرب قوله، بل إن الأستاذ الخطابي لم يدقق النظر في عبارة المنجور، إذ أنه لما تحدث عن الولادة للمرة الأولى لم يحدد تاريخها، إنما قال بعد انتقال والده، ولما قال: غير أن الغالب على ظني أنه في سن السبعين أو ما يقرب منها، فإِنه يتحدث عن سنه لما توفي وذلك واضح جدًّا، ففهم الأستاذ الخطابي أنه يتحدث عن سنة ٨٧٠ هـ فسبحان من لا يسهو.
(١) ٢/ ١٤٧ - المنجور: الفهرس ص ٥٤
(٢) انظر عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر ص ١٠٨.
(٣) انظر أحمد المنجور الفهرس ص ٥٢، ٥٣.
(٤) المصدر السابق ص ٥٢، ٥٥ ونيل الابتهاج لأحمد بابا ص ١٨٩ والكتاني: سلوة الأنفاس ص ١٤٦، ١٤٧.
1 / 25