أحدهما: انا لو فرقنا الشهود - وهو الأفضل عندنا - لما وقع العلم بخبرهم، فكونهم مجتمعين ككونهم متفرقين في انتفاء العلم عند شهادتهم.
والوجه الاخر: انا لا نجعل من شرط من يقع العلم بخبره أن لا يتواطؤوا، فان ذلك انما يشترط (1) في الخبر الذي يستدل على صحة مخبره دون ما يقع العلم عنده ضرورة، ولا فرق فيما يخبرون به بين أن يكونوا مجتمعين، أو متفرقين، أو متواطئين، أو غير ذلك إذا علموا ما أخبروا به ضرورة في وجوب حصول العلم عند خبرهم. ولولا هذا الدليل لما وقف على أربعة أيضا فكان يجب أن يحصل العلم عند كل عدد دون ذلك كما أن ما زاد على أربعة لم يقف على عدد دون عدد، بل جوزنا أن يحصل العلم عند كل عدد زاد على الأربعة، فنظير هذا أن يجوز حصول العلم عند كل عدد دون الأربعة، لأنه ليس هاهنا دليل على وجوب مراعاة هذا العدد المدعاة فلما لم نقطع على عدد زاد على الأربعة - لفقد الدليل على ذلك - فكذلك هاهنا (2).
وقول من قال: انهم عشرون تعلقا بقوله تعالى " ان يكن منكم عشرون صابرون " (3) وانه لما أوجب الجهاد عليهم، وجب أن يكونوا ممن إذا دعوا إلى الدين علم ما دعوا إليه.
لا يصح من وجهين:
أحدهما: ان البغية بالآية، التنبيه على وجوب ثبات الواحد للعشرة، لا ايجاب الجهاد على هذا العدد. بل قد اتفقت الأمة على وجوب الجهاد على الواحد إذا كان له غنا، ولم يوجب وقوع العلم بخبره.
والوجه الثاني: ان ما يدعون إليه من الدين معلوم باستدلال ونحن نبين ان ما يعلم بالدليل لا يقع العلم بخبرهم وان كثروا، ولابد من أن يكون عالمين به ضرورة.
Page 77