ويعتبر ما به صارت عبارة عنه فان كانت مشتركة بين الشيئين المختلفين، فمتى (1) أراد أحدهما لم يصح ان يريد الشئ (2) الاخر، ويستحيل ذلك فيه قطع به.
وان لم يمنع من ذلك جوز أن يراد به المعنيان معا، لأنه إذا كان المخاطب يصح أن يريد كل واحد منهما بالعبارة، ولا مانع يمنع من أن يريدهما جميعا، فيجب أن يصح أن يريدهما معا.
قال: وقد علمنا أن القائل إذا قال لصاحبه (لا تنكح ما نكح أبوك ) يصح أن يريد بذلك العقد والوطء وارادته لاحد الامرين لا يمنع من ارادته للاخر.
وانما قلنا: انه لا يجوز أن يريد بلفظ الامر، الامر والتهديد، لان ما به يصير أمرا وهي إرادة المأمور به يضاد ما به يصير تهديدا وهي كراهته (3) ويستحيل أن يريد الشئ الواحد، في الوقت الواحد، على وجه واحد، من مكلف واحد، ويكرهه على هذه الوجوه.
وقلنا: انه لا يصح أن يريد بالعبارة الاقتصار على الشئ وتجاوزه، لأنه يتنافى أن يريد الزيادة على ذلك الشئ وألا يريده ولذلك استحال ذلك.
وانما نقول: انه لا يريد بالعبارة ما لم يوضع له على وجه، لأنه لا يصح أن يستعمل العبارة في الشئ الا بأن يفيده في الحقيقة أو المجاز، لا لأنه يتنافى أن يريدهما جميعا لأنه يصح أن يريد بقوله: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله " (4) قتل النفس والاحسان إلى الناس، ولا يتنافى ذلك وانما يصح أن يراد ذلك به لان العبارة لم توضع له، وإذا صح ذلك ووجدنا عبارة قد وضعت لمعنيين مختلفين نحو القرء في أنه (5) موضوع للطهر والحيض لا يتنافى من المخاطب أن يريدهما جميعا، فلا وجه
Page 55