1
شاعرية بوئثيوس
يشتمل «عزاء الفلسفة» على تسع وثلاثين قصيدة نثرت في ثنايا في النص وتتمتع فيه بوجود عضوي غير مقحم، وقد اختلفت الآراء في شاعرية بوئثيوس، ففي القرن التاسع كان بوئثيوس يعد ندا لشيشرون في النثر ولڨرجيليوس في الشعر، وكان سكاليجر يرى في شعر «عزاء الفلسفة» وحيا إلهيا، ومن جهة أخرى نجد لهيرمان يسينر رأيا آخر، إذ يرى في الفواصل الشعرية صوت طفل من القرن السادس بالمقارنة بنضوج النثر في «العزاء»، أما كير
W. P. Ker
فيرى أن أشعار «عزاء الفلسفة» هي قصائد «ناظم»
prosodist
كثير التعمل في اختيار البحور والجمع بينها، وغير موفق في بعض الأحيان.
1
ومن الإنصاف أن نقول: إنه إذا كانت بعض القصائد في «عزاء الفلسفة» لم تحلق عاليا رغم جودتها، فإن بعضها قد بلغ من الإتقان مبلغا عظيما جعلها تراثا مقدسا يرتل في الكنائس (مثل القصيدة الخامسة في الكتاب الأول)، وبعضها متفق على روعته وعمق تأثيره (مثل بعض قصائد الكتاب الثالث والرابع، وبخاصة تلك التي يروي فيها قصة أورفيوس ويوريديكي)، أما القصيدة التاسعة في الكتاب الثالث فقد أجمعت الآراء عبر العصور على سموها وجلالها ونالت شهرة استثنائية في العصور الوسطى وحظيت بتعليقات خاصة من كبار الكتاب.
أما نثر بوئثيوس فقد بلغ مرتبة عالية واتسم بالبساطة والصفاء والسلاسة والتركيز والبعد عن التشتت والتعقيد الذي يسم كتاب عصره.
Unknown page