Cawn Macbud
عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٥ هـ
Publisher Location
بيروت
الِاسْتِتَارِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَوْلِهِ سُتْرَةً يَعْنِي لَا يَتَحَفَّظُ مِنْهُ فَتُوَافِقُ رِوَايَةَ لَا يَسْتَنْزِهُ لِأَنَّهَا مِنَ التَّنَزُّهِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ
وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ كَانَ لَا يَتَوَقَّى وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ وَأَجْرَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ لَا يَسْتَتِرُ عَوْرَتَهُ
قُلْتُ لَوْ حُمِلَ الِاسْتِتَارُ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَلَزِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ كَانَ سَبَبَ الْعَذَابِ الْمَذْكُورِ
وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْبَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَذَابِ الْقَبْرِ خُصُوصِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا أخرجه بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ التحرز منه وعند أحمد وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُعَذَّبُ فِي الْبَوْلِ وَمِثْلُهُ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ
[٢٢] (دَرَقَةٌ) بِفَتْحَتَيْنِ التُّرْسُ مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَصَبٌ (انْظُرُوا إِلَيْهِ) تَعَجُّبٌ وَإِنْكَارٌ وَهَذَا لَا يَقَعُ مِنَ الصَّحَابِيِّ فَلَعَلَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْعِلْمِ (ذَلِكَ) الْكَلَامَ (فَقَالَ) النَّبِيُّ ﷺ (مَا لَقِيَ) مَا مَوْصُولَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَذَابُ (صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ أَيْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّنَزُّهِ مِنَ الْبَوْلِ حَالَ الْبَوْلِ (كَانُوا) أَيْ بَنُو إِسْرَائِيلَ (إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَوْلُ) مِنْ عَدَمِ الْمُرَاعَاةِ وَاهْتِمَامِ التَّنَزُّهِ (قَطَعُوا مَا) أَيِ الثَّوْبَ الَّذِي (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ هَذَا الْقَطْعُ مَأْمُورًا بِهِ فِي دِينِهِمْ (فَنَهَاهُمْ) أَيْ نَهَى الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ سَائِرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (فعذب
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الزُّهْرِيِّ وَقَالُوا إِنَّ النَّبِيّ ﷺ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّة فِي يَمِينه فِيهِ فَصّ حَبَشِيّ جَعَلَهُ فِي بَاطِن كَفّه وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظٍ آخَر قَرِيب مِنْ هَذَا وَرَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ بن جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا عِنْد الزُّهْرِيِّ فَالظَّاهِر أَنَّهُ حَدَّثَ بِهَا فِي أَوْقَات فَمَا الْمُوجِب لِتَغْلِيطِ هَمَّامٍ وَحْده
قِيلَ هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا تَدُلّ عَلَى غَلَط هَمَّامٍ فَإِنَّهَا مُجْمِعَة عَلَى أَنَّ الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ فِي اِتِّخَاذ الْخَاتَم وَلُبْسه وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا نَزْعه إِذَا دَخَلَ الْخَلَاء
فَهَذَا هُوَ الَّذِي حَكَمَ لِأَجْلِهِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظ بِنَكَارَةِ الْحَدِيث وَشُذُوذه
وَالْمُصَحِّح لَهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنهُ دَفْع هَذِهِ الْعِلَّة حَكَمَ بِغَرَابَتِهِ لِأَجْلِهَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ مَنْ ذُكِرَ فَمَا وَجْه غَرَابَته وَلَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ مُوَافِق لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ صَحَّحَهُ مِنْ جِهَة السَّنَد لِثِقَةِ الرُّوَاة وَاسْتَغْرَبَهُ لِهَذِهِ الْعِلَّة وَهِيَ الَّتِي مَنَعَتْ أَبَا دَاوُدَ مِنْ تَصْحِيح مَتْنه فَلَا يَكُون بَيْنهمَا اِخْتِلَاف بَلْ هُوَ صَحِيح السَّنَد لَكِنَّهُ مَعْلُول
وَاللَّهُ أَعْلَم
1 / 27