فلما سمعت اسم الأفشين أجفلت وقالت: «لا أعلم يا سيدي، ولعله جاء ولم يأت إلينا بعد.»
فقال: «من لي بمن يبحث عنه؟»
فقالت: «إذا أمرت أن نبعث في طلبه فعلنا، ولكنه لو أتى فرغانة لجاءنا بلا دعوة.»
قال: «صدقت، وهل ذهب أخوك ليدعو الموبذ اليوم؟»
قالت: «خرج من الفجر للبحث عنه، وقد ساءه البارحة أنك لم تكن راضيا عنه.»
فقال: «ننتظر رجوعه. اسقني شربة ماء من يدك.»
فأسرعت مسرورة فأتته بكأس ماء وقدمته إليه فشربه. ثم دخل الحاجب يقول: «إن ضيفا قادما من العراق يستأذن على مولاي المرزبان.»
فصاح المرزبان: «هذا هو الأفشين.» وأظهر ارتياحه لمجيئه ولم يسأل عمن هو قبل الإذن على جاري العادة فقال: «ليدخل.» وأسفت جهان لوجودها هناك، ولو استطاعت أن تشق الحائط وتخرج منه لفعلت، ولكنها تجلدت إكراما لأبيها فوقفت وقد انقبضت نفسها فتماسكت لئلا يبدو ذلك عليها.
فأزاح الحاجب الستر فدخل القادم، فلما أطل أجفلت جهان وبدت الدهشة في وجهها وانقلب انقباضها إلى انبساط، وتحول امتقاع لونها إلى تورد؛ لأن القادم لم يكن الأفشين وإنما ضرغام. فلما رآه المرزبان ابتسم له ورحب به وصاح: «ضرغام؟ أهلا بولدنا ضرغام. ظننتك صديقنا الأفشين. أقادم أنت من العراق؟» قال: «نعم يا مولاي.»
قال: «وهل أتى الأفشين معك؟» قال: «لم يأت معي ولكنني علمت يوم خروجي من العراق أنه عازم على المجيء إلى أشروسنة، وأظنه أتى.»
Unknown page