قالت: «إذا كنت في شك من قولي فاسألي أخاك سامان عن بابك الخرمي.»
قالت وقد تذكرت: «أظنني سمعته يطري صاحب هذا الاسم، ولكنني لا أثق بأقواله كلها كما تعلمين، ولم أكترث للأمر؛ لأن ضرغاما ليس مثله أحد عندي ولا رغبة لي في الملوك والأمراء.»
فقالت: «إذا كنت تستبعدين تلك البلاد فهذا الأفشين صاحب أشروسنة على مقربة منا، وهو الآن قائد جند المسلمين كافة في بغداد، وعما قليل يأتي لزيارة أبيك؛ لأن سيدي كتب إليه منذ أشهر يدعوه إلى زيارته في عيد النيروز .»
وكانت جهان حتى الساعة لا تبالي ما تقوله خيزران، فلما سمعت اسم الأفشين أجفلت وتغير وجهها وانقبضت نفسها، وصدت خيزران عن الكلام بكفها كأنها تقول: «كفي لا تذكري هذا الاسم!»
وأرادت هذه أن تستأنف الحديث فصاحت بها جهان قائلة: «دعيني من ذكر هذا الرجل؛ إني لا أتحمل سماع اسمه! إنه سبب كدري الذي زعمت أنك عرفته؛ فإن نفسي انقبضت منذ سمعت بقرب قدومه إلى فرغانة وأنه سيقضي بعض أيام عيد النيروز عندنا، ولو أني استطعت أن أقضي العيد في مكان بعيد لفعلت.»
فاستغربت خيزران كرهها للأفشين وقالت: «وهل أساء إليك الأفشين في شيء؟»
قالت: «ما أساء إلي ولا كلمني كلمة، ولكنني منذ رأيته يأتي لزيارة أبي ونفسي تعافه وتنكر النظر إليه. ولا أذكر أن شعوري خانني في الحكم على الناس!»
فقالت القهرمانة: «يا للعجب! ألا تعلمين أن الأفشين رئيس ضرغام، وإن غاية ما يبلغه ضرغام من التقدم في جند المسلمين أن يصير قائدا من قواد الأفشين وتحت رايته.»
فقالت بترفع وهدوء: «كلا يا أماه، إنه لا يعمل تحت رايته بل هو رئيس حرس الخليفة.»
قالت وقد ظهر الاستغراب في محياها: «وهل أنت على يقين مما تقولين؟!»
Unknown page