وبعد ذكر آيات الاستواء وما اقترن بها من صفات الجلال والكمال، نتامل المواضع الأخر ى التي جاء فيها ذكر العرش فقوله تعالى: ﴿هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾، وقوله: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ﴾، وقوله: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، وقوله: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾، وقوله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، وقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ﴾ .
ففي هذه الآيات نرى أن الله أخبر عن العرش بما يدل على أنه مخلوق من مخلوقات الله، وذلك بوصفه له بأنه مربوب، ومعلوم أن كل مربوب مخلوق، وهذه الآيات تؤكد لنا وجود العرش، وتبطل زعم القائلين بان المراد منه الملك، فالإخبار عنه بهذه الصيغة يؤكد استقلاله وتميزه، ومما يزيدنا يقينا وصف العرش بتلك الصفات الجليلة، فقد وصفه الله بأنه كريم، ومجيد، وعظيم١.
كما أن مما يدلنا على منزلة العرش ومكانته عند الله تعالى من خلال هذه الآيات هو أنه سبحانه قد تمدح نفسه في بعضها بأنه ذو العرش قال تعالى: ﴿إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا﴾، وقوله: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْش﴾، وقوله: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾، وقوله: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ .
وأما ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ .
_________
١ هذا إذا قرئ بالخفض، أما إذا قرئ بالرفع فتكون تلك الصفات لله.
1 / 57