فطوى السلطان الجريدة إلى نصفين واعتدل في جلسته. «مساء الخير يا أمي.»
فقالت وهي تنحني: «اغفر لي وقاحتي يا فخامة السلطان، ولكن الأمر ...»
قال: «لا تقلقي، فقد أخبرت جمال الدين باشا توا بأن يقتفي أثر ذاك المؤلف؛ ومن ثم يعاقبه. ورأينا أن الترحيل كاف.» «أظن أن الترحيل كاف، رغم أنه لن يصلح الضرر الذي أحدثه ذلك الحثالة.»
فقال السلطان آسفا وهو يرتشف البقايا الدافئة في قاع قدح الشاي: «إذن، فالسؤال الذي ينبغي التفكير فيه الآن هو ما الإجراء الذي علينا اتخاذه للقضاء على تلك الشائعات؟» «ماذا اقترح جمال الدين باشا؟» «إنه لا يدري.» «لا يدري؟» «نعم، فقد قال إنه لا يملك رأيا قويا.»
كانت تلك كذبة بالطبع، فوالدته تعلم أكثر من أي شخص في العالم أن الصدر الأعظم لا يمكن أن يقول لا أدري في أي موضوع، ولكنها لم تستطع أن تكذبه مباشرة، فحولت الحديث إلى مسار آخر.
فقالت: «بالإضافة إلى معاقبة المؤلف والتعامل مع الشائعات، ثمة أمر الفتاة نفسها؛ يجب أن نفعل شيئا بشأنها. أرى أنه لا داعي لمعاقبتها، فلم ترتكب خطأ، ولكن حتى نتخذ قرارا بشأنها لن يكون في مقدورنا إبطال الشائعات.» «وماذا تقترحين يا أمي؟»
رفعت يدها إلى عنقها ومررتها عليه بالكامل كما لو كانت تفكر في هذا السؤال للمرة الأولى. «في رأيي، ثمة مساران يمكننا اتخاذهما، كلاهما ليس مثاليا، ولكنهما سوف يخدمان هدفنا.»
قال عبد الحميد وهو يرمق دوامات أوراق الشاي والنعناع في قاع القدح: «نعم، استمري.»
فقالت: «المسار الأول هو الترحيل؛ أعدها إلى رومانيا وانس أمرها. والمسار الثاني هو دعوتها للعيش هنا في القصر. يمكننا إيجاد غرفة لها في مكان ما عند حدود جناح الحريم، وإعطاؤها دروسا في الموسيقى أو الخط. ولكلا المسارين متاعبهما بالطبع، ولكن كليهما أيضا لهما مزاياهما.»
قال السلطان وهو يحك مؤخرة رأسه أسفل العمامة: «رائع. لا يمكنني أن أزعم أنني قد فكرت في الخيار الثاني ، ولكنه خيار مثير للاهتمام. سوف أفكر في الأمر.»
Unknown page