يرى بوبر أن النفس (الذات) تعتمد اعتمادا كبيرا على العمليات الكهروكيميائية للدماغ، إلا أنها غير متماهية مع هذه العمليات، وبوسعها رغم ذلك أن تؤثر في الوقت المناسب في تلك العمليات الدماغية بواسطة العلية الهابطة (المتجهة من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى).
من أقدم العقائد الفلسفية تلك العقيدة التي توجزها عبارة الكنسيين «لا جديد تحت الشمس»، هذا المعنى قائم أيضا في المذهب المادي بجميع صوره، وبكل مذهب حتمي يؤمن بأزلية قوانين الطبيعة وثباتها، ويؤمن أن النهاية كانت دائما قابعة في البداية، وأن الأحداث منذ الأزل وإلى الأبد لا تعدو أن تكون ظهور ما كان كامنا هناك وسفوره وانبلاجه، وتحقق ما كان موجودا «بالقوة » في باطن الطبيعة وقوانين الطبيعة.
كان الأساس المنطقي لهذه الآراء هو أنه «لا جديد تحت الشمس»، أو أنه «لا شيء يمكن أن يوجد من لا شيء»، كان الفيلسوف العظيم بارمنيدس يقول بهذا منذ ألفين وخمسمائة من الأعوام، واستنبط منه أن التغير أمر محال، ومن ثم فالتغير لا بد أن يكون وهما، وتبعه مؤسسو المذهب الذري، مثل ليوسيبوس وديمقريطس، بمعنى ما، حين قالوا بأنه لا يوجد ثمة غير ذرات لا تتغير، وأن هذه الذرات تتحرك في الخلاء، في فضاء خال، ومن ثم فإن التغيرات الوحيدة الممكنة هي حركات الذرات واصطدامها وإعادة اتحادها، بما في ذلك الذرات البالغة الدقة التي تكون الأرواح البشرية.
بل إن بعضا من أهم الفلاسفة المعاصرين (مثل كواين ) يقولون بأنه لا يمكن أن يكون هناك غير كائنات مادية، وأنه لا توجد أحداث ذهنية أو خبرات ذهنية. (هناك من يتخذ موقفا وسطا ويقر بوجود خبرات ذهنية، غير أنه يقول: إنها أحداث جسمية بمعنى ما أو «في هوية» مع أحداث جسمية.)
غير أننا نعرف اليوم أن التطور - تطور العالم، وبخاصة تطور الحياة على الأرض - قد أتى بأشياء جديدة إلى الوجود، أتى بجدة
Novelty
حقيقية،
11
ونشهد اليوم فصيلا من الآراء تجمع على أن المستقبل لا يمكن التنبؤ به ولم يكن يوما قابلا للتنبؤ (على الأقل بالنسبة للمعرفة البشرية المحدودة)، وهذا هو معنى «الانبثاق»
Emergence
Unknown page