118

والمكر والخديعة فلم ينهزموا عن صولات القهر وتخويفه ، وثبتوا صدمات الله ، وفي الله فيما ظهر من الله من رسم المحو والطمس ، وعلموا أن جميعها ابتلاء ، وامتحان فسكنوا في العبودية رسما ، ورسخوا في مشاهدة الربوبية حقيقة وصرفا.

( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8) ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد (9) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار (10) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب (11) قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد (12) قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار (13) زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب (14) قل أأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد (15) الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16))

قوله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) أي : لا تزغ قلوبنا بفقدان الطمأنينة بذكرك ، وأيضا : لا تزغ قلوبنا عن قربك ومحبتك بعد إذ هديتنا إلى معرفتك ومحبتك ، ( وهب لنا من لدنك رحمة ) علما خاصا ومعرفة تامة ، ( إنك أنت الوهاب ) وهب ما لا يحصى شكره.

وقال سهل : رجع قوم للتضرع إليه والمسكنة بين يديه ، ( بعد إذ هديتنا ) أي : لا تمل بقلوبنا وأسرارنا عن الإيمان بك إذ مننت علينا به.

وقال جعفر : لا تزغ قلوبنا عنك بعد إذ هديتنا إليك من لدنك رحمة لزوما لخدمتك ، على شرط السنة ( إنك أنت الوهاب ) المعطي بفضله عباده ما لا يستحقونه من نعمة.

وقال الأستاذ : ما ازدادوا قربا إلا ازدادوا أدبا ، واللياذ إلى التباعد أقوى أسباب رعاية الأدب.

Page 128