سألتها: «لم يرق الأمر؟» «لأن ذلك سفر. نحن نتحرك. كل شيء من حولنا يتحرك.»
كانت آيريس تشعر كذلك أن المشهد كله يومض مثل فيلم سينمائي قديم. كان النوادل يسيرون متأرجحين داخل المقصورة المهتزة يوازنون الصواني. مرت أجزاء من الريف سريعا بجوار النافذة، وتساقطت ذرات السخام على الزبد وقطع الكعك اللزجة. وكانت ذرات الغبار تتراقص في أشعة الشمس، ومع كل انتفاضة بالمحرك، كانت الأواني الخزفية تتأرجح.
بينما كانت تحاول احتساء بعض الشاي قبل أن يندلق كله من حافة الفنجان بفعل الاهتزاز، علمت أن رفيقتها - التي تدعى الآنسة وينفريد فروي - تعمل معلمة لغة إنجليزية وهي في طريقها للوطن لقضاء عطلتها. كانت مفاجأة صادمة لها أن علمت أن والدي تلك السيدة البالغة على قيد الحياة.
قالت الآنسة فروي: «يقول أبي وأمي إنهما لا يتحدثان إلا عن عودتي؛ فهما ينتظراني بحماسة الأطفال، وكذلك سق.»
رددت آيريس: «سق؟» «أجل، اختصارا لسقراط. ذلك هو الاسم الذي يناديه به أبي. سقراط هو كلبنا، وهو من فصيلة كلاب الرعي الإنجليزية القديمة - لا ينحدر من سلالة نقية - لكنه لطيف جدا، وهو متيم بي. تقول أمي إنه يفهم أني عائدة للمنزل لكنه لا يعرف متى؛ لذا يذهب العجوز الأخرق لاستقبال كل قطار يصل، ثم ما يلبث أن يعود منكسا ذيله، في تجسيد مثالي للاكتئاب. يتوق أبي وأمي لرؤية فرحته الجمة في الليلة التي أصل بها بالفعل.»
تمتمت آيريس: «أود أن أراه.»
لم يحرك مشاعرها كلام رفيقتها عن فرحة والديها العجوزين، لكنها كانت تحب الكلاب كثيرا. تخيلت بوضوح هيئة سقراط؛ كلب هجين له فراء كث كبير الحجم، وله هيئة مضحكة للغاية، وعينان كهرمانيتان تلمعان تحت خصل شعره، يثب فرحا للقائها كجرو صغير.
فجأة، بترت الآنسة فروي حديثها عندما تذكرت أمرا. «قبل أن أنسى، أريد أن أشرح لك لم لم أقف إلى جوارك في موقف فتح النافذة. لا عجب أنك ظننت أنني لست إنجليزية حتما. لقد كانت المقصورة سيئة التهوية، لكني لم أتدخل احتراما للبارونة.» «أتعنين تلك المرأة المريعة التي ترتدي الأسود؟» «أجل، تلك هي البارونة، فأنا مدينة لها. لقد وقع لبس حول مقعدي في القطار؛ فقد حجزت في مقصورات الدرجة الثانية، لكن لم يتبق بها أي مقاعد شاغرة، فتحملت البارونة للطفها الجم فارق الثمن كي أتمكن من السفر في مقصورتها بالدرجة الأولى.
تمتمت آيريس: «لكنها مع ذلك لا تبدو لي لطيفة.» «ربما تكون مرهقة في المعاملات، لكنها تنتمي إلى عائلة نلت شرف العمل معلمة لديها. ليس من الحكمة أن أذكر أسماء علنا، لكني عملت معلمة خاصة لدى أرقى عائلات البلدة؛ فتلك المقاطعات المنعزلة لا تزال محكومة بالنظام الإقطاعي، وهي متأخرة عنا بقرون. لا يمكنك تصور نفوذ ... نفوذ رب عملي السابق. ما يقوله ينفذ، دون أن يضطر لأن يتكلم حتى، بل يكفي أن يومئ برأسه.»
تمتمت آيريس التي تكره السلطة: «يا له من أمر مهين!»
Unknown page