كانت تلك هي غرفة الانتظار في المحطة . كانت تجلس هنا أمس، مع أصدقائها يحتسون مشروبا أخيرا. مثل شاحنات متدافعة تتصادم داخل عقلها، ترابطت أفكارها بدءا بسلسلة الأحداث التي وقعت في محطة القطار. تذكرت أنها كانت تجلس على المنصة في ضوء الشمس في انتظار القطار.
بدأت دقات قلبها تتسارع بشدة. كانت في طريقها للعودة إلى إنجلترا، لكنها لا تملك أدنى فكرة عما حدث لها بعد أن فقدت الوعي، أو كم مر على ذلك من الوقت. قد يكون القطار السريع وصل وغادر دونها.
في خضم إنهاكها، بدت تلك الفكرة كارثية. شعرت بالدوار مرة أخرى، وكان عليها أن تنتظر ريثما تنقشع تلك الغيمة من أمام بصرها كي تتمكن من قراءة عقارب ساعة يدها الصغيرة.
تهللت أساريرها عندما اكتشفت أنه لا يزال أمامها خمس وعشرون دقيقة كي تجمع شتات نفسها قبل أن تنطلق في رحلتها. تساءلت: «ماذا حدث لي؟ ما الذي جعلني أفقد الوعي؟ هل هوجمت؟»
أغمضت عينيها وحاولت بأقصى جهدها أن تصفي ذهنها، لكنها لا تذكر في آخر لحظاتها قبل أن تفقد الوعي منظر السماء الزرقاء والبحيرة الخضراء الزاهية وكأنما تراهما من خلف بلورة.
فجأة، تذكرت حقيبتها وتلمست بيدها محاولة العثور عليها. ارتاعت عندما لم تجدها بجوارها، ولم ترها على الدكة. كانت حقيبة سفرها على الأرض، وفوقها قبعتها وكأنما تؤكد على حدود ممتلكاتها.
صرخت بعينين يملؤهما الهلع: «حقيبتي، أين حقيبتي؟»
كان بها نقودها وتذاكرها وجواز سفرها، ودونها سيستحيل عليها المضي في رحلتها. حتى إن ركبت القطار دون أي نقود، عند أول خط حدودي سيعيدونها من حيث أتت.
أصابتها تلك الفكرة بالارتياع. كانت واثقة أن أولئك النسوة تكالبن لسرقتها، وأنها عاجزة وواقعة تحت رحمتهن. عندما نهضت مسرعة من الدكة دفعنها لأسفل مرة أخرى.
تفجر غضبها وحاولت مقاومتهن بضراوة. بينما كانت تقاومهن، شعرت بدوامة من الارتباك؛ بألم نابض، وأصوات تتعالى، وأضواء تومض أمام عينيها. سمعت أصوات نهيج ولهاث، وكأنها تيار تحتي لصوت تدفق اندفاع مياه غريب، وكأن ينبوعا مكتوما تفجر فجأة من الأرض.
Unknown page