ثم ضحك ضحكة ودودة عندما احمر وجه زوجته خجلا. «آسف على مباغتتك يا عزيزتي، لكن أليس من الأسهل أن نفترض كوننا جميعا ما ندعيه؟ حتى القسيسين وزوجاتهم.» نفض الرماد من غليونه، ثم نهض من كرسيه. «أظن أنني سأتمشى حتى القرية لأتحدث قليلا إلى أصدقائي.»
سألت الآنسة روز بفظاظة بعد أن غادر القس الحديقة: «كيف سيتحدث إليهم وهو لا يعرف لغتهم؟»
أجابت زوجته بفخر: «هو يحملهم على فهمه. بالتعاطف كما تعرفين، وبالإنسانية المشتركة. لن يمانع ملامسة أنفه بأنف رجل بدائي تحية له.»
قالت الآنسة فلود-بورتر: «أخشى أننا دفعناه للمغادرة بحديثنا عن الفضائح.»
قالت السيدة بارنز: «كان ذلك خطئي. أعرف أن الناس يحسبونني فضولية، لكني في الواقع أضطر لأن أحمل نفسي على إبداء الاهتمام بشئون جيراني؛ فذلك بمثابة احتجاج مني على الخجل العارم لدى أبناء وطننا.»
قاطعتها الآنسة روز: «لكننا نعتز بذلك؛ فإنجلترا لا تحتاج إلى الدعاية لنفسها.» «بالطبع، لكننا لن نمر من هنا سوى مرة واحدة، ويجب أن أذكر نفسي أن الغريب الجالس بجواري ربما يكون واقعا في ورطة ما وربما أستطيع مساعدته.»
نظرت إليها الأختان نظرة استحسان. كانت امرأة نحيلة في منتصف الأربعين، ذات وجه بيضاوي شاحب، وشعر داكن، وملامح عذبة. كان الصدق والطيبة يطلان من عينيها البنيتين الواسعتين، وكانت مخلصة في أفعالها.
كان من المستحيل أن يرتبط اسمها إلا بالنزاهة المطلقة. كانتا تعرفان أنها تتكبد عناء الاسترسال في الشرح، خشية أن تخاطر بإعطاء انطباع خاطئ.
وهي بدورها، كانت معجبة بالأختين؛ فهما سيدتان ذواتا مكانة مرموقة ولا غبار على احترامهما. يشعر المرء أنهما ستؤديان دورهما في لجان المحلفين بتميز، وتؤديان واجبهما تجاه الرب وتجاه جيرانهما، دون أن تسمحا لأحد بإعطائهما توجيهات تخص طبيعة ذلك الدور.
كانتا أيضا تنعمان بحياة رغيدة؛ إذ تملكان منزلا رائعا بحديقة، ولديهما خادمات مدربات جيدا، وأصول مجمدة في البنك. كانت السيدة بارنز تعلم ذلك؛ لذا كونها بشرا، شعرت بالأفضلية عندما فكرت أن الرجل الوحيد في جمعهم هو زوجها.
Unknown page