قضينا وقتنا أيضا نفتح كل الصناديق التي جئنا بها من الحطام ونقلب فيها للعثور على كنز، فعثرنا على مقاعد، وساعات، وصندوق موسيقي، والعديد من الأشياء الأخرى. وهكذا قضينا الشتاء الطويل، لكن لم يبد منزلنا كالسجن هذه المرة.
ومع نهاية الموسم، ازداد الطقس ضراوة، فهبت العواصف وأومض البرق في السماء، وصارت الريح كأنها الإعصار، وبعدها توقف كل هذا فجأة.
تمشينا في أول يوم جاف، وعبر التليسكوب رأينا شيئا ما في الطرف الأقصى من الشاطئ، شيئا كأنه قارب مقلوب، وقررنا أن نكتشف المزيد. كنا في غاية السعادة لأننا عدنا للاستطلاع. وفيما كنا نقترب منه لاحظنا أنه لم يكن قاربا وإنما كان حوتا ضخما جانحا انجرف مع التيار ومات. حقا كانت العاصفة هوجاء. غير أن العاصفة المدمرة جرفت أيضا شعبا مرجانية وأصدافا جميلة في كل الأرجاء أخذ الأولاد يجمعونها. عدنا أدراجنا إلى منزلنا كي نحضر الأدوات اللازمة كي نقطع دهن الحوت، فسيكون زيته نافعا. تسلق فريتز وجاك الحوت كي يبدآ في العمل، وفيما كنا نقطع الحوت، كان المكان مليئا بالطيور التي التهمت لحمه وأزعجتنا إزعاجا شديدا. وما إن انتهينا أخيرا من نزع دهن الحوت ولحمه، حتى غصنا بداخله أكثر كي نحصل على عظامه لنستخدمها كمصابيح تضيء بالزيت. تركنا بقية الطيور وحملنا قاربنا بكل ما استطعنا حمله، وقررنا أن نسمي المكان «شاطى الحوت». عدنا إلى منزلنا متعبين ورائحتنا كريهة، فاغتسل الجميع، وكان الفضل في ذلك يرجع إلى ماسورة الخيزران. ارتدينا ملابس نظيفة وتناولنا عشاءنا وكنا جميعا سعداء لأننا انتهينا من مهمة الحوت.
في الصباح التالي، أريت الأولاد كيف يحصلون على الزيت من دهن الحوت، فكان يوم الروائح الكريهة والعائلة التعسة. كنا كلنا على دراية بأهمية الزيت من أجل المصابيح والأغراض الأخرى، لكن العمل لم يكن محببا إلى أي منا. فقررنا جميعا أنه عندما تنقر الطيور عظام الحوت فتخليه من اللحم تماما، ننصب خيمة هناك، وبذلك عندما تكون لدينا مهمة تتسم بالقذارة كهذه، نؤديها بعيدا عن منزلنا.
عندئذ شرعت في صنع ماكينة تجديف صغيرة لقاربنا، وكانت ببساطة تقوم على ترس يحرك المجاديف. سر الجميع بها، وقررنا في اليوم التالي أن نأخذ القارب إلى رأس الإحباط كي نتفقد حيواناتنا. وعندما اقتربنا منها، وجدناها خائفة منا، لأننا اختفينا وقتا طويلا في كهفنا الشتوي، ولم نستطع أن نحلب الماعز إلا بعد أن اضطررنا لربطها. واضطررنا أن نمسك بجميع الدجاج والطيور مرة أخرى. وعندئذ حملنا قاربنا بالبيض والحليب وما استطعنا أخذه من الأرض وشققنا طريقنا إلى شاطئ الحوت، وعندما عدنا قضيت بعض الوقت أصنع سلالا وصهوات وأطواقا وغيرها من الأشياء من أجل الحيوانات التي نحن بحاجة إليها.
الأمر الذي أوحى للأولاد بفكرة رائعة.
الفصل الرابع عشر
فراق صديق
سأل فريتز: «لم لا نصنع كرسيا من الصفصاف لأمي كي تجلس عليه؟»
رد إيرنست: «أجل، بمقدورنا أن نصنعه ثم نضعه على العجل والبقرة!»
Unknown page