Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
نيويورك هيرالد تريبيون: «لا بد أن يلزم المسئولون في واشنطن الصمت حتى يمتلكوا ثمرة جريب فروت، أو على الأقل أي شيء يدور في الفضاء.»
باريس-جورنال: «يبدو أن ثمة دودة في ثمرة الجريب فروت!»
شيكاجو أمريكان: «اضطررنا إلى تجرع الكثير من خيبات الأمل في الشهرين الأخيرين. حسنا، لنتقبل الأمر ونغتنم أي فوائد يمكن أن يتمخض عنها ذلك، لكن دعونا لا نعتاد تجرع الصدمات.»
دنفر بوست: «تنتاب المواطنين الأمريكيين حالة من القلق، والشك، والانزعاج حيال أدائنا في مجال التطوير والبحث العلمي. لا يشعر الناس بالخوف لكنهم صاروا في قمة الغضب والضيق.»
في الأمم المتحدة، سأل ممثلو الوفد السوفييتي نظراءهم الأمريكيين عما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في تلقي مساعدة أجنبية، في إطار برنامج موسكو للمساعدات الفنية إلى الدول المتخلفة عن ركب الحضارة. أشارت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»، التي لخصت مجمل ما حدث، إلى مزحات وعناوين أخبار حادة ورنانة باعتبارها «سخرية من النوع المبالغ فيه الذي تمادى فيه رجال العلاقات العامة والصحافة الأمريكية في خلق حالة من خيبة الأمل الكبرى، من خلال محاولة تصعيد الأمور إلى ذروتها في وقت لم يكن من السليم أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة، في خضم إجراء تجربة حساسة كهذه.»
10
ما الذي أدى تحديدا إلى وقوع هذا الفشل الذريع؟ لم يكن الأمر ينطوي على ما هو أكثر من عدم وجود ضغط كاف في الخزان؛ وهو ما أدى إلى انخفاض الضغط في حاقن محرك الصاروخ؛ مما أفضى بدوره إلى انبعاث غاز ساخن من غرفة الدفع إلى أعلى نظام الوقود، مسفرا عن حرق الحاقن وتوقف قوة الدفع. ولم تكن هذه مشكلة كبرى، وكان من السهل إصلاحها؛ لكن، لم يكن العامة في تلك الأثناء في الحالة المزاجية التي تسمح لهم بإدراك أي شيء من هذا. في شركة «مارتن»، أدرك مدير مشروع «فانجارد» هذا الموقف بصفة شخصية عندما حاول العثور على شخص لطلاء منزله ولم يجد إلا رفضا متكررا. وأخيرا، قرر أحد العاملين في طلاء المنازل أن يصارحه قائلا: «حتى أكون صريحا معك، لا أرغب حقيقة في القيام بأي عمل لأي شخص له علاقة بمشروع فانجارد.»
وسط تزايد المخاوف العامة ، لم يكن كثيرون لديهم القدرة على التنبؤ بالمستقبل بوضوح؛ ففي ظل صواريخ موسكو التي كانت تلوح في الأفق على نحو ينذر بالسوء، ربما كانت الروائية آين راند - التي نشرت روايتها التي كانت تحمل العنوان الساخر «أطلس يستريح» في العام نفسه - هي الشخص الوحيد الذي رأى أن النظام الشيوعي سيكون مآله إلى الانهيار الاقتصادي. ولم يكن معلوما للكثيرين أن خروتشوف كان يمارس لعبة خداع، بتوفير مصادر تمويل غير متكافئة مع حجم برنامج الفضاء الذي كان يستخدمه كوسيلة دعاية، لإعطاء الانطباع بمقدرة الاتحاد السوفييتي الهائلة في النواحي الفنية ككل. وأدلى رئيس شركة «جنرال داينمكس» بحديث إلى مجلة «فورتشن» قائلا: «لا يمكن التغاضي عن كفاءة روسيا في التركيز في بعض المجالات. وإذا كان ثمة مجال على جانب كبير من الأهمية الحقيقية - سواء أكانت العسكرية أم النفسية - بالنسبة إليهم، فسيركزون عليه تركيزا هائلا، ويحققون نتائج لا تتناسب على الإطلاق مع المستوى العام لمقدرتهم الفنية.»
مع ذلك، لم تكن التكنولوجيا السوفييتية مجرد جعجعة بلا طحن، على الأقل من جانب مهم واحد؛ فالأمر كان يرجع إلى التعليم في مستويات التعليم الابتدائي والثانوي. وكان التربويون قد أدركوا منذ وقت طويل جودة التعليم المرتفعة في المدارس الألمانية. وحاليا، في أعقاب إطلاق القمرين «سبوتنيك 1» و«سبوتنيك 2»، صار عدد من المراقبين يشيرون إلى تميز مشابه في مدارس الاتحاد السوفييتي. وقبل ذلك بعامين، كان الناقد الاجتماعي رودلف فليش قد أثار مشاعر القلق على المستوى القومي من خلال تفسير «لماذا لا يستطيع جوني القراءة». وها هو جون جونثر، وهو كاتب صاحب كتب مقروءة على نطاق واسع في مجال النقد الاجتماعي للشعوب، يقول في كتابه «داخل روسيا اليوم»:
ينصب التركيز الأساسي للأولاد والبنات على حد سواء على العلم والتكنولوجيا. وبالإضافة إلى تلقي دروس الحساب والرياضيات على مدى عشر سنوات متصلة، كان نظام التعليم يلزم كل طفل بتلقي دروس في الكيمياء لمدة أربع سنوات، ودروس في الفيزياء لمدة خمس سنوات، ودروس في الأحياء لمدى ست سنوات. ويتضح الفارق جليا عند المقارنة مع الولايات المتحدة ؛ فالكثير من المدارس الثانوية الأمريكية لا تقدم دروسا في الفيزياء أو الكيمياء على الإطلاق. وأخبرني أحد المسئولين الأمريكيين أن الطفل في الاتحاد السوفييتي الذي يتخرج في الصف العاشر (المكافئ للصف الثاني عشر لدينا)، في عمر سبعة عشر عاما، يتلقى تعليما علميا أفضل من معظم الأمريكيين الذين يتخرجون في «الكليات»؛ فالفتى الروسي - أو الفتاة الروسية - الذي يتلقى دروسا عادية، يحصل على جرعة من العلوم والرياضيات تزيد بمقدار «خمس مرات»، ويشترط الحصول عليها للالتحاق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
Unknown page