Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
قمر يدور حول الأرض بسرعة 18 ألف ميل في الساعة.
شوهد جسم كروي في أربع نقاط تقاطع فوق الولايات المتحدة.
خصصت مجلة «نيوزويك» قسما خاصا حول الموضوع، ثم قسما آخر بعده بأسبوع، وأشارت المجلة قائلة: «تحقق هذا الإنجاز، في عالم ممزق، على أيدي علماء موجهين في دولة مستبدة، دولة أعطت كلمة «قمر صناعي» دلالات تنطوي على استعباد لا هوادة فيه. هل يمكن الوثوق فيمن سحقوا المجر في ضوء هذا القمر الصناعي الجديد من نوعه، الذي لا يمكن لإنسان قياس آثاره وتداعياته؟»
6
سرعان ما اتخذ الديمقراطيون نفس اللهجة الحادة في النقاش؛ فقد نالهم ما نالهم خلال الحرب الكورية، عندما قاد ترومان البلاد في صراع لم يكن يستطيع الانتصار فيه أو إنهاءه. وتبدلت المواضع الآن؛ حيث قرر ليندون جونسون أن آيك لم يكن ينفق ما يكفي على مسألة الدفاع القومي، وأن سعيه إلى تحقيق موازنات متوازنة قد عرض أمن البلاد للخطر. وتلقى جونسون تأييدا قويا من عضو مجلس الشيوخ ستيوارت سيمنجتون، الذي كان قائد القوات الجوية في إدارة ترومان. طالب سيمنجتون بعقد جلسة خاصة للكونجرس، وحذر قائلا: «إذا لم تتغير سياساتنا الدفاعية فورا، فسينتقل السوفييت من حالة التفوق إلى السيادة.» وطالب عضو ديمقراطي آخر ذو تأثير، وهو السيناتور هنري جاكسون، بتخصيص «أسبوع لتسليط الضوء على أوجه القصور الفادحة ومصادر الخطر المحدق».
حاول آيزنهاور، الذي كان يمتلك خبرة عسكرية لا تضاهى فضلا عن صور للقمر «يو-2»، طمأنة الأمة. عقد آيزنهاور مؤتمرا صحفيا بعد أيام قليلة من انطلاق «سبوتنيك»، وقال إن إنجاز الاتحاد السوفييتي «لا يثير مخاوفي، ولا حتى مثقال ذرة»؛ لقد «أطلقوا مجرد كرة صغيرة في الهواء». وقريبا سيحرز السوفييت ما هو أكثر من ذلك، لكن في تلك الأثناء على الأقل، ظل الشعور نفسه يراود الأمريكيين. وفي بوسطن، رصدت «نيوزويك» «حالة هائلة من عدم الاكتراث». أشار دنفر إلى أن ثمة «شعورا غامضا بأننا انتقلنا إلى حقبة جديدة، لكن الناس لا تناقش الأمر على النحو الذي يناقشون به كرة القدم والأنفلونزا الآسيوية». وفي 5 أكتوبر، 1957، كان العنوان الرئيسي في صحيفة ملواكي «سنتنل»: «إننا اليوم نصنع تاريخا.» وكان العنوان يشير إلى بطولة وورلد سيريز.
مع ذلك، كانت ثمة أسباب وجيهة لأخذ القمر الصناعي السوفييتي على محمل الجد، وهي أسباب تتجاوز التهديدات العسكرية الضمنية؛ فقد كانت ثمة حقيقة بسيطة، وهي أن موسكو نجحت في تحقيق هذا الإنجاز المدهش، في حين أنها كانت قبل سنوات قليلة فقط تتخلف كثيرا عن اللحاق بالركب في مجالي القاذفات والأسلحة النووية. وكان من السهل أن يتسلل خوف من أن يعكس هذا الإنجاز ميزة حقيقية في النظام الشيوعي، ولعب البيان الصحفي الذي صدر عن موسكو معلنا إطلاق القمر «سبوتنيك» على هذه الزاوية قائلا: «ستمهد الأقمار الأرضية الصناعية الطريق أمام الرحلات الفضائية، وسيشهد الجيل الحالي كيف سيحول العمل الحر والواعي للمجتمع الاشتراكي الجديد أكثر أحلام الإنسانية جرأة وطموحا إلى حقيقة.»
كانت هذه المخاوف تقترن بمشاعر أخرى مماثلة، ألا وهي أن حرية أمريكا وديمقراطيتها ربما تصلحان في أوقات السلم العام، لكنهما تخسران أمام النظام الديكتاتوري في أوقات الأزمة. ولم تكن هذه المخاوف جديدة؛ فقد كانت حاضرة في أذهان الناس في خضم الصراع النازي، وها هي تبرز مرة أخرى، متخذة صورة فريدة تنظر إلى النزعة الاستهلاكية في البلاد باعتبارها علامة ضعف.
صاح السيناتور ستايلز برديجز، وهو سياسي بارز ينتمي إلى الحزب الجمهوري، بصوت مدو كالرعد: «حان الوقت كي نكف قليلا عن الاهتمام بأمور مثل سمك وبر السجادة الجديدة وارتفاع رفرف السيارة الجديدة، وأن نكون أكثر استعدادا لبذل الدماء والعرق والدموع.» سخر ليندون جونسون من فكرة أن تطلق أمريكا مركبة فضائية أفضل، قائلا: «ربما ستحتوي المركبة على شريط من الكروم وماسحات آلية للزجاج الأمامي.» وأضاف برنارد باروخ، الذي عمل مستشارا لدى عدد من الرؤساء، قائلا: «إذا حدث وانهارت أمريكا، فسيكون ذلك في سيارة مكشوفة ذات لونين.» وعندما التقى ليونيد سيدوف، أحد علماء الفضاء السوفييت البارزين، بزميل فون براون إرنست شتولينر، استغل هذا الموقف قائلا: «أمريكا بلد جميل للغاية، ومستوى المعيشة فيها مرتفع للغاية؛ لكن يبدو واضحا تماما أن المواطن الأمريكي العادي لا يأبه إلا بسيارته، ومنزله، والثلاجة. ليس لديه أي شعور قومي على الإطلاق.»
7
Unknown page