Cabd Rahman Nasir

Jurji Zaydan d. 1331 AH
185

Cabd Rahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Genres

وكان الناصر يسمع كلام سعيد ويتفهمه جيدا، وهو ينوي أن يعمل بكل حرف منه بعد أن تحقق من صدق تنجيمه وسداد رأيه مرارا.

أما سعيد فلما فرغ من كلامه، أظهر أنه تعب وأخذ يرتعش كأنه أصيب بالبرداء، فقال له الناصر: «ما بالك يا حكيم؟»

قال سعيد: «إني أخاف أن يتأخر مولاي وتأخذه الشفقة فيذهب بالدولة إلى الخراب. يقبض الآن على فقيه الأمير عبد الله الذي يئس من منصب القضاء فنقم على الخليفة، ولا دخل للبر في شيء منه سوى اسمه، ويقبض أيضا على رفيق أمير المؤمنين الليلة؛ فإنه شريك في الأمر، وإذا سأل أمير المؤمنين نفسه يعلم أن هذا الأخير من أكبر الأعداء مع أنه من أقرب المقربين، ويفعل ذلك سريعا وفي الخفاء، فإن لم يفعل فإني أول من يموت.»

فحمل الناصر منه هذا التعبير محمل الغيرة الشديدة على الدولة وخاف مما خوفه منه، وخصوصا لأن كلام سعيد عن كل من الثلاثة وافق ما في نفسه، فأمر أحد غلمانه أن يقبض على ياسر حيثما كان، ويزج به في السجن، وبعث آخرين إلى قصر مروان للقبض على ابن عبد البر، وحمله إلى قصر الزهراء.

الفصل الرابع والستون

الانتقام السريع

وظل سعيد جالسا ينتظر أمر الناصر بالانصراف فلم يأمره، فأظهر أنه يبكي، فقال له الناصر: «ما بالك يا حكيم؟»

ففرك سعيد عينيه وقال: «لا شيء يا سيدي.»

قال الناصر: «لا، بل أنت تبكي لأمر ما.»

قال سعيد: «أبكي على الأمير عبد الله؛ فإني كنت أحبه، وقد خسرته، ولكن أمير المؤمنين خير منه. ألا يرجو سيدي توبته؟»

Unknown page