الاستقراء ويعلم أن هذا لو كان ممكنا لجرى الإمكان في زمان ما مع تكرر المقتضيات والله المستعان.
٥٩- وأما الميز بين الجواز المحكوم به وبين الجواز بمعنى التردد والشك فلائح [واضح] ومثاله أن العقل يقضي بجواز تحرك جسم ساكن وهذا الجواز حكم مبتوت للعقل وهو نقيض الاستحالة وأما الجواز بمعنى التردد والشك فكثير ونحن نكتفي فيه بمثال واحد فنقول تردد المتكلمون في انحصار الأجناس كالألوان فقطع قاطعون بأنها غير متناهية في الإمكان كآحاد كل جنس وزعم آخرون أنها منحصرة وقال المقتصدون لا ندري أنها منحصرة أم لا ولم يثبتوا مذهبهم على بصيرة وتحقيق.
والذي أراه قطعا أنها منحصرة فإنها لو كانت غير منحصرة لتعلق العلم منها بأجناس لا تتناهى على التفصيل وذلك مستحيل فإن استنكر الجهلة ذلك وشمخوا بآنافهم وقالوا الباري سبحانه عالم بما لا يتناهى على التفصيل سفهنا عقولهم وأحلنا تقرير هذا الفن على أحكام الصفات [في الكلام] وبالجملة علم الله تعالى إذا تعلق بجواهر لا تتناهى فمعنى تعلقه بها استرساله عليها من غير فرض تفصيل الاحاد مع نفى النهاية فإن ما يحيل دخول مالا يتناهى في الوجود يحيل وقوع تقديرات غير متناهية في العلم والأجناس المختلفة التي فيها الكلام يستحيل استرسال العلم عليها فإنها متباينة بالخواص وتعلق العلم بها على التفصيل مع نفى النهاية محال وإذا لاحت الحقائق فليقل الأخرق بعدها ما شاء.
فصل
مدارك العلوم في الدين ثلاثة في التقسيم الكلي.
٦٠- أحدها: العقول والمطلوب منها درك الجواز في كل جائز ودرك المخصص له بالوجه الذي وقع عليه ودرك وجوب مخالفة المخصص للجائزات في أحكام الجواز ودرك وجوب صفات المخصص [التي] لا يصح كونه مخصصا دونها فهذا حظ العقل المحض في الديانات.
٦١- والمدرك الثاني: هو المرشد إلى ثبوت كلام صدق وهذا لا يتمحض العقل فيه فإن مسلكه المعجزات وارتباطها بالعادات انخراقا واستمرارا والقول في ذلك يطول.
1 / 32