Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Genres
شكل 6-1: الهلال الخصيب، الممتد من نهر النيل في الغرب حتى الخليج الفارسي في الشرق، هو المكان الذي ظهرت فيه أقدم أدلة على الزراعة.
لكن جاءت نظرية بعدها افترضت أن الزراعة بدأت حينما بدأت لأن الهلال الخصيب أخذ يكتظ بالسكان، وأخذ الغذاء يندر. وبعد زمن قصير، زعمت نظرية أخرى أن البشر صاروا يعتمدون على أنواع معينة من النباتات والحيوانات، التي كانت بدورها تتطور لأشكال كانت مفيدة جدا، حتى إن البشر شرعوا يحمونها وينشرونها. تلا هذه النظرية أخرى قائلة بأن مجتمعات ما قبل الصيد كانت قد أنتجت بالفعل فائضا من الغذاء؛ مما أباح للأفراد المهيمنين التنافس على الحظوة والنفوذ بإقامة مآدب متزايدة البذخ، وأن الحاجة لإنتاج هذا الفائض من الغذاء من أجل تلك المآدب هو الذي حث على نشوء الزراعة. وأخيرا ارتأت نظرية جديدة أنه بعد نهاية العصور الجليدية صار مناخ الدوائر الشمالية أكثر ملائمة للنباتات، وهذا شجع الناس على الإعراض عن أنماط حياة الترحال السابقة، لما وجدوا أن زراعة غذائهم ببساطة أسهل من صيده وجمعه.
1
وليست هذه إلا ستا من أشهر النظريات وأكثر ما خضع منها للمناقشة الجادة. أدرج عالم الآثار جرايم باركر في دراسته المستفيضة عن أصول الزراعة ما لا يقل عن تسعة وثلاثين سببا طرح على مدار سنوات لتفسير الانتقال من البحث عن الطعام إلى الزراعة، ومنها الرجال الضخام الجثة، وتغير المناخ، والتنافس، والتصحر، والتغلغل، وعلوم الطاقة، واستهلاك الدهون، والولائم، والهرمونات، والذكاء، والحدائق المنزلية، وملكية الأراضي، والبيئات الهامشية، والانتقاء الطبيعي، والإجهاد الناتج عن نقص الغذاء، والواحات، وهجرة النباتات، والضغط السكاني، والطفرات الجينية العشوائية، وتركز الموارد، والبيئات الغنية، والطقوس، والتحول من الترحال إلى الاستقرار، والتخزين، والتحديث التقني، وتوفر الماء، والخوف من الغرباء، والتنوع الحيواني.
2
ثمة مشكلتان رئيسيتان تتعلقان بهذه النظريات. المشكلة الأولى هي أن بعض هذه التفسيرات تبدو فعلا متناقضة بعضها مع بعض؛ فعلى سبيل المثال تفترض إحدى النظريات أن إنتاج الغذاء نشأ بسبب نقص الغذاء، بينما تفترض نظرية أخرى أنه نشأ بناء على وفرة الغذاء. المشكلة الثانية هي أن الأحداث والظروف التي يعتقد أنها أنذرت ببداية إنتاج الغذاء كانت قد وقعت كلها من قبل في تاريخ أشباه البشر. وحين تكون الأحداث والظروف نفسها قد وقعت بالفعل دون أن تسفر عن النتائج نفسها، يبدو بديهيا أن أيا من هذه الظروف لم يكن كافيا وحده ليأتي بالتحول العظيم الذي وقع حين اخترع البشر الزراعة، لكن خلال بضعة آلاف من السنين اخترعت الزراعة في أحد عشر موقعا مختلفا على الأقل في أنحاء العالم.
ظهرت أقدم الأدلة على الزراعة في الفترة ما بين أحد عشر ألف عام وثمانية آلاف عام مضت، مع استئناس القمح والشعير والكتان والبازلاء والعدس والماشية والماعز والخراف والخنازير في الهلال الخصيب، لكن بعد ذلك بوقت قصير - قبل تسعة إلى ثمانية آلاف عام - استؤنس الأرز والدجاج والخنازير والماشية وجاموس الماء في أحواض أنهار شرق الصين، كما استؤنس الدخن في شمال الصين.
شكل 6-2: بدأ استئناس النباتات والحيوانات في أحد عشر موقعا مختلفا على الأقل في الفترة منذ أحد عشر ألف عام وأربعة آلاف عام في كل القارات الرئيسية ما عدا أوروبا: (أ) الهلال الخصيب. (ب) وسط الصين. (ج) شمال الصين. (د) غينيا الجديدة. (ه) وادي المكسيك. (و) جبال الأنديز. (ز) شمال شرق أمريكا. (ح) أمريكا الجنوبية الاستوائية. (ط) غرب حوض الأمازون. (ي) أفريقيا جنوب الصحراء. (ك) شمال الهند.
واستؤنس الذرة
3
Unknown page