Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Genres
9
وكلما زاد تركيز الميلاتونين في مجرى الدم ازداد شعور الفرد بالنعاس. على العكس من ذلك، حين تشرق الشمس ويفيض الضوء على البيئة، ينخفض إنتاج الغدة الصنوبرية للميلاتونين، وتخلص الكليتان الجسم من الميلاتونين المتبقي في الدم.
حين بدأ البشر الناشئون في استخدام النار لدرء الضواري بعد غروب الشمس، ابتكروا مصدرا مصطنعا للضوء كان له أثر في تثبيط إنتاج الميلاتونين وتأخير بوادر النوم. نتيجة لهذا، أعتق استخدام النار أشباه البشر من القيود القديمة التي فرضها النهار المداري الذي يستمر اثنتي عشرة ساعة، وامتدت ساعات صحوهم الطبيعية حتى الليل. هذه هي مرحلة التطور البشري التي بدأ فيها أسلافنا السهر لوقت متأخر؛ لتمتد ساعات يقظتهم بما يتجاوز بكثير متوسط فترة النهار التي تحكم التواتر اليومي لكل الحيوانات المدارية الأخرى.
منح السهر لوقت متأخر البشر الناشئين مزايا جديدة فريدة؛ فقد أعطاهم وقتا إضافيا لتناول الطعام وصنع أشياء، كما وفر لهم وقتا للحياة الاجتماعية والتواصل. فميل البشر لتناول الطعام بعد أن يحل الظلام، والعكوف على أعمال الحياكة، وصنع الأدوات، وغيرها من المهام التي كانت تنجز على ضوء النار، والتسامر وسرد أحداث اليوم، ورواية قصص وأساطير موروثة، كل هذا مثل سلوكيات فريدة لم تستطع أي أنواع أخرى محاكاتها. صارت كل هذه السلوكيات ممكنة حين بدأ البشر الناشئون إضرام النار ليلا والسهر لأوقات متأخرة، في حين نامت المخلوقات الأدنى أو ابتعدت.
النيئ والمطهو
10
رغم أن أقدم استخدام للنار ربما كان لحماية أشباه البشر ليلا من هجمات الضواري، فقد أصبح لإيقاد النار والإبقاء عليها بانتظام في مساكن أشباه البشر في نهاية المطاف استخدامات أخرى تخطت مجرد الحماية. ولا شك أن أهم هذه الاستخدامات - بما ترتب عليه من عواقب تجاوزت احتياجات اللحظة الراهنة لتشكل جذريا مستقبل التطور البشري نفسه - كان اكتشاف الطهي.
في مقال علمي نشر في مجلة «بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسيز» عام 2012م، أعلن فريق دولي من العلماء أن التحليل المجهري لبعض الرواسب من كهف وندرويرك في جنوب أفريقيا يؤكد أن أشباه البشر كانوا يشعلون النار داخل أغوار هذا الكهف ويذكونها منذ أكثر من مليون عام.
11
ومن بين مئات العظام وشظايا العظام التي استخرجت من هذا الموقع، أظهر 80 في المائة منها أدلة على أنها قد احترقت في هذه النيران. بعبارة أخرى، كانوا يطهون لحومهم.
Unknown page