Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Genres
وأخيرا ، على الرغم من تطوير تقنيات جديدة لاستخراج الغاز الطبيعي عن طريق التكسير الهيدروليكي واستخراج رمال القطران، فإن إمدادات الوقود الحفري محدودة؛ ففي غضون بضع مئات السنين على الأكثر سيتعين على البشر التوقف عن الاعتماد على الوقود الحفري، وسيضطرون إلى استبدال مصادر طاقة بديلة بالوقود الحفري. وعندما يحين ذلك اليوم أخيرا، من المرجح أن تكون العلوم والتقنيات الحديثة قد أمضت عقودا عديدة بحثا عن طرق عملية لاستخراج ثاني أكسيد الكربون الزائد من الغلاف الجوي، مع الحرص على عدم استخراج الكثير لدرجة تؤدي دون قصد منا في حدوث عصر جليدي آخر.
بالنظر إلى التاريخ الماضي لإنجازات نوعنا التقنية المذهلة، يبدو من الممكن تماما أن تنجح البشرية في نهاية المطاف في تحقيق هذين الهدفين. والأهم من هذا وذاك أن ظاهرة تغير المناخ العالمي دليل حي على أن مستقبل الحياة على الأرض يعتمد الآن على تصرفات البشرية؛ فقد استولى نوعنا على هذا الكوكب وجعله ملكا لنا، أيا كانت العواقب المترتبة.
كوكب البشر
ينمو عدد سكان الأرض من البشر الآن بمعدل أسرع من أي فترة سابقة في التاريخ؛ إذ أتاح تطوير الزراعة العلمية واستخدام الميكنة في الزراعة إطعام الأعداد المتزايدة من السكان، في حين أدت التطورات الحديثة في فعالية العلاج الطبي إلى خفض معدلات الوفيات البشرية باطراد. مع انتهاء العصر الجليدي الأخير في بطء، وإطلاق تقنية التواصل الرمزي العنان لقوة التطور الثقافي، ازداد عدد الصيادين وجامعي الثمار من البشر بالتدريج حتى ارتفع إجماليا إلى خمسة ملايين شخص تقريبا.
شكل 10-6: بلغ عدد سكان العالم من الصيادين وجامعي الثمار قرابة خمسة ملايين نسمة عام 5000 قبل الميلاد، وزاد إلى 150 مليونا على مدى الخمسة آلاف سنة التالية. ولكن عندما بدأت الثورة الصناعية في عام 1800م انفجر التعداد السكاني، وتزايد سكان العالم من أقل من مليار إلى أكثر من ستة مليارات نسمة في أكثر من مائتي عام بقليل.
ومع تبني الزراعة وظهور الحضارة المدنية، ارتفع عدد السكان بنسبة 3000 في المائة - إلى 150 مليون نسمة - بين عامي 5000 قبل الميلاد والسنة الأولى ميلاديا . حتى مع سقوط الإمبراطورية الرومانية وبدء العصور المظلمة، تضاعف عدد سكان العالم مرة أخرى إلى 300 مليون بحلول عام 1100 ميلاديا. وعلى الرغم من الخسائر الهائلة في الأرواح خلال العصور الوسطى، أثناء مذابح الغزو المغولي في القرن الثالث عشر وأوبئة الطاعون أو الموت الأسود في القرن الرابع عشر، تضاعف عدد سكان العالم مرة أخرى إلى ما يقرب من 600 مليون نسمة سنة 1600 ميلادية.
حين بدأت الثورة الصناعية عام 1800م انفجر التعداد السكاني من البشر حقا، حيث زادوا بنسبة 600 في المائة في مائتي عام من أقل من مليار إلى أكثر من ستة مليارات نسمة. وإذا استمر هذا الانفجار السكاني بمعدله الحالي لن يعود هناك في النهاية على الأرض ما يكفي من الأراضي الزراعية لإطعام جميع الأشخاص الذين سيعيشون على ظهر هذا الكوكب. خلال الخمسين ألف سنة الماضية - التي لا تمثل سوى أحدث نسبة واحد في المائة من تاريخ البشرية - زاد عدد سكان الأرض بمقدار سبعة آلاف مرة عن حجمه الأصلي، ويزيد حاليا بنحو ربع مليون شخص يوميا.
ومع ذلك انخفضت معدلات المواليد في جميع أنحاء العالم منذ ستينيات القرن العشرين، بل وانخفضت معدلات المواليد بحلول عام 2014م إلى ما دون «معدل التعويض» البالغ 2,1 ولادة لكل امرأة في نصف دول العالم تقريبا. وانخفض معدل المواليد في أوروبا ككل إلى 1,5 ولادة لكل امرأة بحلول عام 2005م، ومن المتوقع حاليا أن ينخفض عدد سكان أوروبا بنسبة 14 في المائة من الآن وحتى نهاية القرن الحادي والعشرين.
22
نظرا لأن المجتمعات البشرية صارت على درجة من الثراء تكفي لتوفير مستوى معيشي لائق لسكانها المسنين، لم تعد العادة الإنسانية القديمة المتمثلة في إنجاب أعداد كبيرة من الأطفال لضمان وسيلة دعم في سن الشيخوخة ضرورية.
Unknown page