متن بداية المبتدى فِي فقه الإِمَام أبي حنيفَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
= كتاب الطَّهَارَة
قَالَ الله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم﴾
1 / 1
الْآيَة فَفرض الطَّهَارَة غسل الْأَعْضَاء الثَّلَاثَة وَمسح الرَّأْس والمرفقان والكعبان يدخلَانِ فِي الْغسْل والمفروض فِي مسح الرَّأْس مِقْدَار الناصية وَهُوَ ربع الرَّأْس
وَسنَن الطَّهَارَة غسل الْيَدَيْنِ قبل إدخالهما الْإِنَاء إِذا اسْتَيْقَظَ المتوضىء من نَومه وَتَسْمِيَة الله تَعَالَى فِي ابْتِدَاء الْوضُوء والسواك والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق وَمسح الْأُذُنَيْنِ وتخليل اللِّحْيَة وتخليل الْأَصَابِع وتكرار الْغسْل إِلَى الثَّلَاث
وَيسْتَحب للمتوضىء أَن يَنْوِي الطَّهَارَة ويستوعب رَأسه بِالْمَسْحِ ويرتب الْوضُوء فَيبْدَأ بِمَا بَدَأَ الله تَعَالَى بِذكرِهِ وبالميامن
فصل فِي نواقض الْوضُوء
الْمعَانِي الناقضة للْوُضُوء كل مَا يخرج من السَّبِيلَيْنِ وَالدَّم والقيح إِذا خرجا من الْبدن فتجاوزا الى مَوضِع يلْحقهُ حكم التَّطْهِير والقيء ملْء الْفَم وَهَذَا إِذا قاء مرّة أَو طَعَاما أَو مَاء فان قاء بلغما فَغير نَاقض وَلَو قاء دَمًا وَهُوَ علق يعْتَبر فِيهِ ملْء الْفَم لِأَنَّهُ سَوْدَاء محترقة وَلَو نزل إِلَى مالان من الْأنف نقض بالِاتِّفَاقِ وَالنَّوْم مُضْطَجعا أَو مُتكئا أَو مُسْتَندا إِلَى شَيْء لَو أزيل لسقط وَالْغَلَبَة على الْعقل بالاغماء وَالْجُنُون والقهقهة فِي كل صَلَاة ذَات رُكُوع وَسُجُود وَالدَّابَّة تخرج من الدبر ناقضة فان خرجت من رَأس الْجرْح أَو سقط اللَّحْم لَا تنقض فان قشرت
1 / 3
نفطة فَسَالَ مِنْهَا مَاء أَو صديد أَو غَيره إِن سَالَ عَن رَأس الْجرْح نقض وَإِن لم يسل لَا ينْقض
فصل فِي الْغسْل
وَفرض الْغسْل الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق وَغسل سَائِر الْبدن
وسننه أَن يبْدَأ المغتسل فَيغسل يَدَيْهِ وفرجه ويزيل نَجَاسَة إِن كَانَت على بدنه ثمَّ يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة إِلَّا رجلَيْهِ ثمَّ يفِيض المَاء على رَأسه وَسَائِر جسده ثَلَاثًا ثمَّ يتَنَحَّى عَن ذَلِك الْمَكَان فَيغسل رجلَيْهِ وَلَيْسَ على الْمَرْأَة أَن تنقض ضفائرها فِي الْغسْل إِذا بلغ المَاء أصُول الشّعْر
والمعاني الْمُوجبَة للْغسْل أنزل الْمَنِيّ على وَجه الدفق والشهوة من الرجل وَالْمَرْأَة حَالَة النّوم واليقظة والتقاء الختانين من غير إِنْزَال وَالْحيض وَالنّفاس
وَسن رَسُول الله ﷺ الْغسْل للْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وعرفة والاحرام وَلَيْسَ فِي الْمَذْي والودى غسل وَفِيهِمَا الْوضُوء
بَاب المَاء الَّذِي يجوز بِهِ الْوضُوء وَمَا لَا يجوز
الطَّهَارَة من الاحداث جَائِزَة بِمَاء السَّمَاء والأودية والعيون والآبار والبحار وَلَا يجوز بِمَا اعتصر من الشّجر وَالثَّمَر وَلَا يجوز بِمَاء غلب عَلَيْهِ غَيره فَأخْرجهُ عَن طبع المَاء كالأشربة والخل وَمَاء الباقلا والمرق وَمَاء الْورْد وَمَاء الزردج وَتجوز الطَّهَارَة بِمَاء خالطه شَيْء طَاهِر فَغير أحد أَوْصَافه كَمَاء الْمَدّ وَالْمَاء الَّذِي اخْتَلَط بِهِ اللَّبن أَو الزَّعْفَرَان أَو الصابون أَو الاشنان فان تغير بالطبخ بعد مَا خلط بِهِ غَيره لَا يجوز التوضىء بِهِ
وكل مَاء وَقعت فِيهِ النَّجَاسَة لم يجز الْوضُوء بِهِ قَلِيلا كَانَت النَّجَاسَة أَو كثيرا وَالْمَاء الْجَارِي إِذا وَقعت فِيهِ نَجَاسَة جَازَ الْوضُوء مِنْهُ إِذا لم ير لَهَا أثر لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِر
1 / 4
مَعَ جَرَيَان المَاء والغدير الْعَظِيم الَّذِي لَا يَتَحَرَّك أحد طَرفَيْهِ بتحريك الطّرف الآخر إِذا وَقعت نَجَاسَة فِي أحد جانبيه جَازَ الْوضُوء من الْجَانِب الآخر لِأَن الظَّاهِر أَن النَّجَاسَة لَا تصل اليه
وَمَوْت مَا لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة فِي المَاء لَا يُنجسهُ كالبق والذباب والزنابير وَالْعَقْرَب وَنَحْوهَا وَمَوْت مَا يعِيش فِي المَاء فِيهِ لَا يُفْسِدهُ كالسمك والضفدع والسرطان وَالْمَاء الْمُسْتَعْمل لَا يجوز اسْتِعْمَاله فِي طَهَارَة الاحداث وَالْمَاء الْمُسْتَعْمل هُوَ مَاء أزيل بِهِ حدث أَو اسْتعْمل فِي الْبدن على وَجه الْقرْبَة
وكل أهاب دبغ فقد طهر وَجَازَت الصَّلَاة فِيهِ وَالْوُضُوء مِنْهُ إِلَّا جلد الْخِنْزِير والآدمي وَشعر الْميتَة وعظمها طَاهِر وَشعر الانسان وعظمه طَاهِر
فصل فِي الْبِئْر
وَإِذا وَقعت فِي الْبِئْر نَجَاسَة نزحت وَكَانَ نزح مَا فِيهَا من المَاء طَهَارَة لَهَا فان وَقعت فِيهَا بَعرَة أَو بعرتان من بقر الابل أَو الْغنم لم تفْسد المَاء فان وَقع فِيهَا خرء الْحمام أَو العصفور لَا يُفْسِدهُ فان بَالَتْ فِيهَا شَاة نزح المَاء كُله عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَقَالَ مُحَمَّد ﵀ لَا ينْزح إِلَّا إِذا غلب على المَاء فَيخرج من أَن يكون طهُورا وَإِن مَاتَت فِيهَا فَأْرَة أَو عصفورة أَو صعوة أَو سودانية أَو سَام أبرص نزح مِنْهَا مَا بَين عشْرين دلوا الى ثَلَاثِينَ بِحَسب كبر الدَّلْو وصغرها فان مَاتَت فِيهَا حمامة أَو نَحْوهَا كالدجاجة والسنور نزح مِنْهَا مَا بَين أَرْبَعِينَ دلوا الى سِتِّينَ وَفِي الْجَامِع الصَّغِير أَرْبَعُونَ أَو خَمْسُونَ وان مَاتَت فِيهَا شَاة أَو آدَمِيّ أَو كلب نزح جَمِيع مَا فِيهَا من المَاء فان انتفخ الْحَيَوَان فِيهَا أَو تفسخ نزح جَمِيع مَا فِيهَا صغر الْحَيَوَان أَو كبر وَإِن كَانَت الْبِئْر معينا لَا يُمكن نزحها أخرجُوا مِقْدَار مَا كَانَ فِيهَا من المَاء وَإِن وجدوا فِي الْبِئْر فَأْرَة أَو غَيرهَا وَلَا يدْرِي مَتى وَقعت وَلم تنتفخ وَلم تتفسخ أعادوا صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة إِذا كَانُوا توضؤا مِنْهَا
1 / 5
وغسلوا كل شَيْء أَصَابَهُ مَاؤُهَا وَإِن كَانَت قد انتفخت أَو تفسخت أعادوا صَلَاة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَيْسَ عَلَيْهِم إِعَادَة شَيْء حَتَّى يتحققوا مَتى وَقعت
فصل فِي الأسآر وَغَيرهَا
وعرق كل شَيْء مُعْتَبر بسؤره وسؤر الْآدَمِيّ وَمَا يُؤْكَل لَحْمه طَاهِر وسؤر الْخِنْزِير نجس وسؤر سِبَاع الْبَهَائِم نجس وسؤر الْهِرَّة طَاهِر مَكْرُوه والدجاجة المخلاة وسباع الطير وَمَا يسكن الْبيُوت كالحية والفأرة مَكْرُوه وسؤر الْحمار والبغل مَشْكُوك فِيهِ فان لم يجد غَيرهمَا يتَوَضَّأ بهما وَيتَيَمَّم وَيجوز أَيهمَا قدم وسؤر الْفرس طَاهِر عِنْدهمَا وَكَذَا عِنْده فِي الصَّحِيح فان لم يجد إِلَّا نَبِيذ التَّمْر قَالَ أَبُو حنيفَة ﵀ يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يتَيَمَّم
بَاب التَّيَمُّم
وَمن لم يجد مَاء وَهُوَ مُسَافر أَو خَارج الْمصر بَينه وَبَين الْمصر نَحْو ميل أَو أَكثر يتَيَمَّم بالصعيد وَلَو كَانَ يجد المَاء إِلَّا أَنه مَرِيض يخَاف ان اسْتعْمل المَاء اشْتَدَّ مَرضه يتَيَمَّم وَلَو خَافَ الْجنب ان اغْتسل أَن يقْتله الْبرد أَو يمرضه يتَيَمَّم بالصعيد وَالتَّيَمُّم ضربتان يمسح باحداهما وَجهه وبالأخرى يَدَيْهِ الى الْمرْفقين وَالْحَدَث والجنابة فِيهِ سَوَاء وَيجوز التَّيَمُّم عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى بِكُل مَا كَانَ من جنس الأَرْض كالتراب والرمل وَالْحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز إِلَّا بِالتُّرَابِ والرمل ثمَّ لَا يشْتَرط أَن يكون عَلَيْهِ غُبَار عِنْد أبي حنيفَة ﵀ وَكَذَا يجوز بالغبار مَعَ الْقُدْرَة على الصَّعِيد عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله
وَالنِّيَّة فرض فِي التَّيَمُّم ثمَّ إِذا نوى الطَّهَارَة أَو اسْتِبَاحَة الصَّلَاة اجزأه وَلَا يشْتَرط نِيَّة التَّيَمُّم للْحَدَث أَو للجنابة فان تيَمّم نَصْرَانِيّ يُرِيد بِهِ الاسلام ثمَّ
1 / 6
أسلم لم يكن متيمما عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف ﵀ هُوَ متيمم وَإِن تَوَضَّأ لَا يُرِيد بِهِ الْإِسْلَام ثمَّ أسلم فَهُوَ متوضى فان تيَمّم مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه ثمَّ أسلم فَهُوَ على تيَمّمه
وينقض التَّيَمُّم كل شَيْء ينْقض الْوضُوء وينقضه أَيْضا رُؤْيَة المَاء إِذا أقدر على اسْتِعْمَاله وَلَا يتَيَمَّم إِلَّا بصعيد طَاهِر وَيسْتَحب لعادم المَاء وَهُوَ يرجوه أَن يُؤَخر الصَّلَاة إِلَى آخر الْوَقْت فَإِن وجد المَاء تَوَضَّأ وَإِلَّا تيَمّم وَصلى
وَيصلى بتيممه مَا شَاءَ من الْفَرَائِض والنوافل وَيتَيَمَّم الصَّحِيح فِي الْمصر إِذا حضرت جَنَازَة وَالْوَلِيّ غَيره فخاف أَن اشْتغل بِالطَّهَارَةِ أَن تفوته الصَّلَاة وَكَذَا من حضر الْعِيد فخاف إِن اشْتغل بِالطَّهَارَةِ أَن يفوتهُ الْعِيد يتَيَمَّم وَإِن أحدث الإِمَام أَو المقتدى فِي صَلَاة الْعِيد تيَمّم وَبنى عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَا يتَيَمَّم
وَلَا يتَيَمَّم للْجُمُعَة وَإِن خَافَ الْفَوْت لَو تَوَضَّأ فَإِن أدْرك الْجُمُعَة صلاهَا وَإِلَّا صلى الظّهْر أَرْبعا وَكَذَا إِذا خَافَ فَوت الْوَقْت لَو تَوَضَّأ لم يتَيَمَّم وَيتَوَضَّأ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ وَالْمُسَافر إِذا نسي المَاء فِي رَحْله فَتَيَمم وَصلى ثمَّ ذكر المَاء لم يعدها عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يُعِيدهَا
وَلَيْسَ على الْمُتَيَمم طلب المَاء إِذا لم يغلب على ظَنّه أَن بِقُرْبِهِ مَاء وَإِن غلب على ظَنّه أَن هُنَاكَ مَاء لم يجز لَهُ أَن يتَيَمَّم حَتَّى يَطْلُبهُ وَإِن كَانَ مَعَ رَفِيقه مَاء طلب مِنْهُ قبل أَن يتَيَمَّم وَلَو تيَمّم قبل الطّلب أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو أَبى أَن يُعْطِيهِ إِلَّا بِثمن الْمثل وَعِنْده ثمنه لَا يُجزئهُ التَّيَمُّم
بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ
الْمسْح على الْخُفَّيْنِ جَائِز بِالسنةِ وَيجوز من كل حدث مُوجب للضوء إِذا لبسهما على طَهَارَة كَامِلَة ثمَّ أحدث وَيجوز للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة أَيَّام
1 / 7
ولياليها وابتداؤها عقب الْحَدث وَالْمسح على ظاهرهما خُطُوطًا بالأصابع يبْدَأ من قبل الْأَصَابِع إِلَى السَّاق وَفرض ذَلِك مِقْدَار ثَلَاث أَصَابِع من أَصَابِع الْيَد
وَلَا يجوز الْمسْح على خف فِيهِ خرق كَبِير يبين مِنْهُ قدر ثَلَاث أَصَابِع من أَصَابِع الرجل فَإِن كَانَ أقل من ذَلِك جَازَ وَلَا يجوز الْمسْح لمن وَجب عَلَيْهِ الْغسْل
وينقض الْمسْح كل شَيْء ينْقض الْوضُوء وينقضه أَيْضا نزع الْخُف وَكَذَا نزع أَحدهمَا وَكَذَا مُضِيّ الْمدَّة وَإِذا تمت الْمدَّة نزع خفيه وَغسل رجلَيْهِ وَصلى وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَة بَقِيَّة الْوضُوء وَمن ابْتَدَأَ الْمسْح وَهُوَ مُقيم فسافر قبل تَمام يَوْم وَلَيْلَة مسح ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَلَو أَقَامَ وَهُوَ مُسَافر إِن اسْتكْمل مُدَّة الْإِقَامَة نزع وَإِن لم يستكمل أتمهَا وَمن لبس الجرموق فَوق الْخُف مسح عَلَيْهِ وَلَا يجوز الْمسْح على الجوربين عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يَكُونَا مجلدين أَو منعلين وَقَالا يجوز إِذا كَانَا ثخينين لَا يشفان وَلَا يجوز الْمسْح على الْعِمَامَة والقلنسوة والبرقع والقفازين وَيجوز الْمسْح على الجبائر وَإِن شدها على غير وضوء وَإِن سَقَطت الْجَبِيرَة عَن غير برْء لَا يبطل الْمسْح وَإِن سَقَطت عَن برْء بَطل
بَاب الْحيض والاستحاضة
أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَمَا نقص من ذَلِك فَهُوَ اسْتِحَاضَة وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام ولياليها وَالزَّائِد اسْتِحَاضَة وَمَا ترَاهُ الْمَرْأَة من الْحمرَة والصفرة والكدرة فِي أَيَّام الْحيض حيض وَقَالَ أَبُو يُوسُف ﵀ لَا تكون الكدرة حيضا إِلَّا بعد الدَّم وَالْحيض يسْقط عَن الْحَائِض الصَّلَاة وَيحرم عَلَيْهَا الصَّوْم وتقضى الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة وَلَا تدخل الْمَسْجِد وَلَا تَطوف بِالْبَيْتِ وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا وَلَيْسَ للحائض وَالْجنب وَالنُّفَسَاء قِرَاءَة الْقُرْآن وَلَيْسَ لَهُم مس الْمُصحف إِلَّا بغلافه وَلَا أَخذ دِرْهَم فِيهِ سُورَة من الْقُرْآن إِلَّا بصرته وَكَذَا الْمُحدث لَا يمس الْمُصحف إِلَّا بغلافه
1 / 8
وَإِذا انْقَطع دم الْحيض لأَقل من عشرَة أَيَّام لم يحل وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِل وَلَو لم تَغْتَسِل وَمضى عَلَيْهَا أدنى وَقت الصَّلَاة بِقدر أَن تقدر على الِاغْتِسَال والتحريمة حل وَطْؤُهَا وَلَو كَانَ انْقَطع الدَّم دون عَادَتهَا فَوق الثَّلَاث لم يقربهَا حَتَّى تمْضِي عَادَتهَا وَإِن اغْتَسَلت وَإِن انْقَطع الدَّم لعشرة أَيَّام حل وَطْؤُهَا قبل الْغسْل وَالطُّهْر إِذا تخَلّل بَين الدمين فِي مُدَّة الْحيض فَهُوَ كَالدَّمِ المتوالي وَأَقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا وَلَا غَايَة لأكثره
وَدم الِاسْتِحَاضَة كالرعاف الدَّائِم لَا يمْنَع الصَّوْم وَلَا الصَّلَاة وَلَا الْوَطْء وَلَو زَاد الدَّم على عشرَة أَيَّام وَلها عَادَة مَعْرُوفَة دونهَا ردَّتْ إِلَى أَيَّام عَادَتهَا وَالَّذِي زَاد اسْتِحَاضَة
فصل والمستحاضة وَمن بِهِ سَلس الْبَوْل والرعاف الدَّائِم وَالْجرْح الَّذِي لَا يرقأ يتوضؤن لوقت كل صَلَاة فيصلون بذلك الْوضُوء فِي الْوَقْت مَا شَاءُوا من الْفَرَائِض والنوافل وَإِذا خرج الْوَقْت بَطل وضوءهم واستأنفوا الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى فَإِن توضؤا حِين تطلع الشَّمْس أجزأهم عَن فرض الْوَقْت حَتَّى يذهب وَقت الظّهْر
فصل فِي النّفاس
النّفاس هُوَ الدَّم الْخَارِج عقب الْولادَة وَالدَّم الَّذِي ترَاهُ الْحَامِل ابْتِدَاء أَو حَال وِلَادَتهَا قبل خُرُوج الْوَلَد اسْتِحَاضَة والسقط الَّذِي استبان بعض خلقه ولد وَأَقل النّفاس لَا حد لَهُ وَأَكْثَره أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَالزَّائِد عَلَيْهِ اسْتِحَاضَة فَإِن جَاوز الدَّم الْأَرْبَعين وَقد كَانَت ولدت قبل ذَلِك وَلها عَادَة فِي النّفاس ردَّتْ إِلَى أَيَّام عَادَتهَا وَإِن لم تكن لَهَا عَادَة فابتداء نفَاسهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَإِن ولدت وَلدين فِي بطن وَاحِد فنفاسها من الْوَلَد الأول عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَأَن كَانَ بَين الْوَلَدَيْنِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَقَالَ مُحَمَّد ﵀ من الْوَلَد الْأَخير
1 / 9
بَاب الأنجاس وتطهيرها
تَطْهِير النَّجَاسَة وَاجِب من بدن الْمُصَلِّي وثوبه وَالْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيجوز تطهيرها بِالْمَاءِ وَبِكُل مَائِع طَاهِر يُمكن إِزَالَتهَا بِهِ كالخل وَمَاء الْورْد وَنَحْو ذَلِك بِمَا إِذا عصر انعصر وَإِذا أصَاب الْخُف نَجَاسَة لَهَا جرم كالروث والعذرة وَالدَّم والمني فجفت فدلكه بِالْأَرْضِ جَازَ وَقَالَ مُحَمَّد ﵀ لَا يجوز إِلَّا فِي المنى خَاصَّة وَفِي الرطب لَا يجوز حَتَّى يغسلهُ فَإِن أَصَابَهُ بَوْل فيبس لم يجز حَتَّى يغسلهُ وَالثَّوْب لَا يجزى فِيهِ إِلَّا الْغسْل وَإِن يبس والمنى نجس يجب غسله إِن كَانَ رطبا فَإِذا جف على الثَّوْب أَجْزَأَ فِيهِ الفرك
والنجاسة إِذا أَصَابَت الْمرْآة أَو السَّيْف اكْتفى بمسحهما وَإِن أَصَابَت الأَرْض نَجَاسَة فجفت بالشمس وَذهب أَثَرهَا جَازَت الصَّلَاة على مَكَانهَا وَلَا يجوز التَّيَمُّم بِهِ وَقدر الدِّرْهَم وَمَا دونه من النَّجس المغلظ كَالدَّمِ وَالْبَوْل وَالْخمر وخرء الدَّجَاجَة وَبَوْل الْحمار جَازَت الصَّلَاة مَعَه وَإِن زَاد لم تجز وَإِن كَانَت مُخَفّفَة كبول مَا يُؤْكَل لَحْمه جَازَت الصَّلَاة مَعَه حَتَّى يبلغ ربع الثَّوْب وَإِذا أصَاب الثَّوْب من الروث أَو من أخثاء الْبَقر أَكثر من قدر الدِّرْهَم لم تجز الصَّلَاة فِيهِ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يُجزئهُ حَتَّى يفحش
وَإِن أَصَابَهُ بَوْل الْفرس لم يُفْسِدهُ حَتَّى يفحش عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَعند مُحَمَّد ﵀ لَا يمْنَع وَإِن فحش وَإِن أَصَابَهُ خرء مَالا يُؤْكَل لَحْمه من الطُّيُور أَكثر من قدر الدِّرْهَم جَازَت الصَّلَاة فِيهِ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا تجوز وَإِن أَصَابَهُ من دم السّمك أَو من لعاب الْبَغْل أَو الْحمار أَكثر من قدر الدِّرْهَم أَجْزَأت الصَّلَاة فِيهِ فَإِن انتضح عَلَيْهِ الْبَوْل مثل رُؤْس الأبر فَذَلِك لَيْسَ بِشَيْء
1 / 10
والنجاسة ضَرْبَان مرئية وَغير مرئية فَمَا كَانَ مِنْهَا مرئيا فطهارته بِزَوَال عينهَا إِلَّا أَن يبْقى من أَثَرهَا مَا يشق إِزَالَته وَمَال لَيْسَ بمرئي فطهارته أَن يغسل حَتَّى يغلب على ظن الْغَاسِل أَنه قد طهر
فصل فِي الِاسْتِنْجَاء
الِاسْتِنْجَاء سنة وَيجوز فِيهِ الْحجر وَمَا قَامَ مقَامه يمسحه حَتَّى ينقيه وَلَيْسَ فِيهِ عدد مسنون وغسله بِالْمَاءِ أفضل وَلَو جَاوَزت النَّجَاسَة مخرجها لم يجز فِيهِ إِلَّا المَاء وَلَا يستنجى بِعظم وَلَا بروث وَلَا بِطَعَام وَلَا بِيَمِينِهِ = كتاب الصَّلَاة
بَاب الْمَوَاقِيت
أول وَقت الْفجْر إِذا طلع الْفجْر الثَّانِي وَهُوَ الْبيَاض الْمُعْتَرض فِي الْأُفق وَآخر وَقتهَا مالم تطلع الشَّمْس وَأول وَقت الظّهْر إِذا زَالَت الشَّمْس وَآخر وَقتهَا عِنْد أبي حنيفَة ﵀ إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ سوى فَيْء الزَّوَال وَقَالا إِذا صَار الظل مثله
وَأول وَقت الْعَصْر إِذا خرج وَقت الظّهْر على الْقَوْلَيْنِ وَآخر وَقتهَا مَا لم تغرب الشَّمْس وَأول وَقت الْمغرب إِذا غربت الشَّمْس وَآخر وَقتهَا مالم يغب الشَّفق ثمَّ الشَّفق هُوَ الْبيَاض الَّذِي فِي الْأُفق بعد الْحمرَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا هُوَ الْحمرَة
وَأول وَقت الْعشَاء إِذا غَابَ الشَّفق وَآخر وَقتهَا مالم يطلع الْفجْر الثَّانِي وَأول وَقت الْوتر بعد الْعشَاء وَآخره مَا لم يطلع الْفجْر
فصل وَيسْتَحب الْأَسْفَار بِالْفَجْرِ والإبراد بِالظّهْرِ فِي الصَّيف وتقديمه فِي الشتَاء وَتَأْخِير الْعَصْر مَا لم تَتَغَيَّر الشَّمْس فِي الصَّيف والشتاء وتعجيل الْمغرب
1 / 11
وَتَأْخِير الْعشَاء إِلَى مَا قبل ثلث اللَّيْل وَيسْتَحب فِي الْوتر لمن يألف صَلَاة اللَّيْل أَن يُؤَخر الْوتر إِلَى آخر اللَّيْل فَإِن لم يَثِق بالانتباه أوتر قبل النّوم فَإِذا كَانَ يَوْم غيم فالمستحب فِي الْفجْر وَالظّهْر وَالْمغْرب تَأْخِيرهَا وَفِي الْعَصْر وَالْعشَاء تَعْجِيلهَا
فصل فِي الْأَوْقَات الَّتِي تكره فِيهَا الصَّلَاة
لَا تجوز الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَلَا عِنْد قِيَامهَا فِي الظهيرة وَلَا عِنْد غُرُوبهَا وَلَا صَلَاة جَنَازَة وَلَا سَجْدَة تِلَاوَة إِلَّا عصر يَوْمه عِنْد الْغُرُوب وَيكرهُ أَن يتَنَفَّل بعد الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب وَلَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ الْفَوَائِت وَيسْجد للتلاوة وَيُصلي على الْجِنَازَة وَيكرهُ أَن يتَنَفَّل بعد طُلُوع الْفجْر بِأَكْثَرَ من رَكْعَتي الْفجْر وَلَا يتَنَفَّل بعد الْغُرُوب قبل الْفَرْض وَلَا إِذا خرج الإِمَام للخطبة يَوْم الْجُمُعَة إِلَى إِلَى أَن يفرغ من خطبَته
بَاب الْأَذَان
الْأَذَان سنة للصلوات الْخمس وَالْجُمُعَة دون مَا سواهَا وَصفَة الْأَذَان مَعْرُوفَة وَلَا تَرْجِيع فِيهِ وَيزِيد فِي أَذَان الْفجْر بعد الْفَلاح الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَة مثل الْأَذَان إِلَّا أَنه يزِيد فِيهَا بعد الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة مرَّتَيْنِ ويترسل فِي الْأَذَان ويحدر فِي الْإِقَامَة وَيسْتَقْبل بهما الْقبْلَة ويحول وَجهه للصَّلَاة والفلاح يمنة ويسرة وَإِن اسْتَدَارَ فِي صومعته فَحسن مَعَ ثبات قَدَمَيْهِ وَالْأَفْضَل للمؤذن أَن يَجْعَل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ فَإِن لم يفعل فَحسن والتثويب فِي الْفجْر حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة حسن وَكره فِي سَائِر الصَّلَوَات وَيجْلس بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة إِلَّا فِي الْمغرب وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة ﵀ وَقَالا يجلس فِي الْمغرب أَيْضا جلْسَة خَفِيفَة قَالَ يَعْقُوب رَأَيْت أَبَا حنيفَة ﵀ يُؤذن فِي الْمغرب وَيُقِيم وَلَا يجلس بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَيُؤذن للفائتة وَيُقِيم
1 / 12
فَإِن فَاتَهُ صلوَات أذن للأولى وَأقَام وَكَانَ مُخَيّرا فِي الْبَاقِي إِن شَاءَ إِذن وَأقَام وَإِن شَاءَ اقْتصر على الْإِقَامَة وَيَنْبَغِي أَن يُؤذن وَيُقِيم على طهر فَإِن أذن على غير وضوء جَازَ وَيكرهُ أَن يُقيم على غير وضوء وَيكرهُ أَن يُؤذن وَهُوَ جنب وَفِي الْجَامِع الصَّغِير إِذا أذن على غير وضوء وَأقَام لَا يُعِيد وَالْجنب أحب إِلَى أَن يُعِيد وَلَو لم يعد أَجزَأَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تؤذن وَلَا يُؤذن لصَلَاة قبل دُخُول وَقتهَا ويعاد فِي الْوَقْت وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز للفجر فِي النّصْف الْأَخير من اللَّيْل وَالْمُسَافر يُؤذن وَيُقِيم فَإِن تَركهمَا جَمِيعًا يكره فَإِن صلى فِي بَيته فِي الْمصر يُصَلِّي بِأَذَان وَإِقَامَة وَإِن تَركهمَا جَازَ
بَاب شُرُوط الصَّلَاة الَّتِي تتقدمها
يجب على الْمُصَلِّي أَن يقدم الطَّهَارَة من الْأَحْدَاث والإنجاس على مَا قدمْنَاهُ وَيسْتر عَوْرَته وعورة الرجل مَا تَحت السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة وَالركبَة من الْعَوْرَة وبدن الْحرَّة كُله عَورَة إِلَّا وَجههَا وكفيها فَإِن صلت وَربع سَاقهَا مَكْشُوف أَو ثلثهَا تعيد الصَّلَاة وَإِن كَانَ أقل من الرّبع لَا تعيد وَقَالَ أَبُو يُوسُف ﵀ لَا تعيد إِن كَانَ أقل من النّصْف وَفِي النّصْف عَنهُ رِوَايَتَانِ وَالشعر والبطن والفخذ كَذَلِك وَمَا كَانَ عَورَة من الرجل فَهُوَ عَورَة من الْأمة وبطنها وظهرها عَورَة وَمَا سوى ذَلِك من بدنهَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَلَو لم يجد مَا يزِيل بِهِ النَّجَاسَة صلى مَعهَا وَلم يعد وَمن لم يجد ثوبا صلى عُريَانا قَاعِدا يومىء بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود فَإِن صلى قَائِما اجزأه إِلَّا أَن الأول أفضل وَيَنْوِي الصَّلَاة الَّتِي يدْخل فِيهَا بنية لَا يفصل بَينهَا وَبَين التَّحْرِيمَة بِعَمَل وَإِن كَانَ مقتديا بِغَيْرِهِ يَنْوِي الصَّلَاة ومتابعته وَيسْتَقْبل الْقبْلَة وَمن كَانَ خَائفًا يُصَلِّي إِلَى أَي جِهَة قدا فَإِن اشتبهت عَلَيْهِ الْقبْلَة وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ من يسْأَله عَنْهَا اجْتهد وَصلى فَإِن علم أَنه أَخطَأ بعد مَا صلى لَا يُعِيدهَا وَإِن علم ذَلِك فِي الصَّلَاة اسْتَدَارَ إِلَى الْقبْلَة وَبنى عَلَيْهِ وَمن أم قوما فِي لَيْلَة مظْلمَة فتحرى الْقبْلَة وَصلى إِلَى الْمشرق وتحرى من
1 / 13
خَلفه فصلى كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى جِهَة وَكلهمْ خَلفه وَلَا يعلمُونَ مَا صنع الإِمَام أجزأهم وَمن علم مِنْهُم بِحَال إِمَامه تفْسد صلَاته وَكَذَا لَو كَانَ مُتَقَدما على الإِمَام
بَاب صفة الصَّلَاة
فَرَائض الصَّلَاة سِتَّة التَّحْرِيمَة وَالْقِيَام وَالْقِرَاءَة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود والقعدة فِي أخر الصَّلَاة مِقْدَار التَّشَهُّد وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ سنة
وَإِذا شرع فِي الصَّلَاة كبر وَيرْفَع يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِير وَهُوَ سنة وَيرْفَع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بإبهاميه شحمة أُذُنَيْهِ وَالْمَرْأَة ترفع يَديهَا حذاء منكبيها فَإِن قَالَ بدل التَّكْبِير الله أجل أَو أعظم أَو الرَّحْمَن أكبر أَو لَا إِلَه إِلَّا الله أَو غَيره من أَسمَاء الله تَعَالَى أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ يحسن التَّكْبِير لم يجزه إِلَّا قَوْله الله أكبر أَو الله الْأَكْبَر أَو الله الْكَبِير فَإِن افْتتح الصَّلَاة بِالْفَارِسِيَّةِ أَو قَرَأَ فِيهَا بِالْفَارِسِيَّةِ أَو ذبح وسمى بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يحسن الْعَرَبيَّة أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يُجزئهُ فِي الذَّبِيحَة وَإِن لم يحسن الْعَرَبيَّة أجزأة وَإِن افْتتح الصَّلَاة باللهم اغْفِر لي لَا تجوز
ويعتمد بِيَدِهِ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى تَحت السُّرَّة ثمَّ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إِلَى أَخّرهُ ويستعيذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَيقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيسر بهما ثمَّ يقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة أَو ثَلَاث آيَات من أَي سُورَة شَاءَ وَإِذا قَالَ الإِمَام وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين ويقولها الْمُؤْتَم ويخفونها ثمَّ يكبر ويركع ويحذف التَّكْبِير حذفا ويعتمد بيدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ ويفرج بَين أَصَابِعه ويبسط ظَهره وَلَا يرفع رَأسه وَلَا ينكسه وَيَقُول سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَذَلِكَ أدناه ثمَّ يرفع رَأسه وَيَقُول سمع الله لمن حَمده وَيَقُول الْمُؤْتَم رَبنَا لَك الْحَمد وَلَا يَقُولهَا الإِمَام عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يَقُولهَا فِي نَفسه وَالْمُنْفَرد يجمع بَينهمَا فِي الْأَصَح ثمَّ إِذا اسْتَوَى قَائِما كبر وَسجد ويعتمد بيدَيْهِ على الأَرْض وَوضع وَجهه بَين كفيه وَيَديه حذاء
1 / 14
أُذُنَيْهِ وَسجد على أَنفه وجبهته فَإِن اقْتصر على أَحدهمَا جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجوز الِاقْتِصَار على الْأنف إِلَّا من عذر فَإِن سجد على كور عمَامَته أَو فَاضل ثَوْبه جَازَ ويبدي ضبعيه ويجافي بَطْنه عَن فَخذيهِ وَيُوجه أَصَابِع رجلَيْهِ نَحْو الْقبْلَة وَيَقُول فِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أدناه وَالْمَرْأَة تنخفض فِي سجودها وتلزق بَطنهَا بفخذيها ثمَّ يرفع رَأسه وَيكبر فَإِذا اطْمَأَن جَالِسا كبر وَسجد فَإِذا اطْمَأَن سَاجِدا كبر واستوى قَائِما على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يقْعد وَلَا يعْتَمد بيدَيْهِ على الأَرْض وَيفْعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل مَا فعل فِي الرَّكْعَة الأولى إِلَّا أَنه لَا يستفتح وَلَا يتَعَوَّذ وَلَا يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى وَإِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الثَّانِيَة فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة افترش رجله الْيُسْرَى فَجَلَسَ عَلَيْهَا وَنصب الْيُمْنَى نصبا وَوجه أَصَابِعه نَحْو الْقبْلَة وَوضع يَدَيْهِ على فَخذيهِ وَبسط أَصَابِعه وَتشهد فَإِن كَانَت امْرَأَة جَلَست على إليتها الْيُسْرَى وأخرجت رجلهَا من الْجَانِب الْأَيْمن وَالتَّشَهُّد التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي إِلَى آخِره وَلَا يزِيد على هَذَا فِي الْقعدَة الأولى وَيقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب وَحدهَا وَجلسَ فِي الْأَخِيرَة كَمَا جلس فِي الأولى وَتشهد وَصلى على النَّبِي ﵇ ودعا بِمَا شَاءَ مِمَّا يشبه أَلْفَاظ الْقُرْآن والأدعية المأثورة وَلَا يَدْعُو بِمَا يشبه كَلَام النَّاس ثمَّ يسلم عَن يَمِينه فَيَقُول السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَعَن يسَاره مثل ذَلِك وَيَنْوِي بالتسليمة الأولى من على يَمِينه من الرِّجَال وَالنِّسَاء والحفظة وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَة وَلَا بُد للمقتدي من نِيَّة إِمَامه فَإِن كَانَ الإِمَام من الْجَانِب الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر نَوَاه فيهم وَالْمُنْفَرد يَنْوِي الْحفظَة لَا غير وَالْإِمَام يَنْوِي بالتسليمتين
فصل فِي الْقِرَاءَة
ويجهر بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفجْر وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْمغرب وَالْعشَاء إِن كَانَ إِمَامًا ويخفي فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِن كَانَ مُنْفَردا فَهُوَ مُخَيّر إِن شَاءَ جهر وأسمع نَفسه وَإِن
1 / 15
شَاءَ خَافت ويخفيها الإِمَام فِي الظّهْر وَالْعصر وَإِن كَانَ بِعَرَفَة ويجهر فِي الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَمن فَاتَتْهُ الْعشَاء فَصلاهَا بعد طُلُوع الشَّمْس إِن أم فِيهَا جهر وَإِن كَانَ وَحده خَافت حتما وَلَا يتَخَيَّر هُوَ الصَّحِيح وَمن قَرَأَ فِي الْعشَاء فِي الْأَوليين السُّورَة وَلم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب لم يعد فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِن قَرَأَ الْفَاتِحَة وَلم يزدْ عَلَيْهَا قَرَأَ فِي الآخريين الْفَاتِحَة وَالسورَة وجهر ويجهر بهما وَأدنى مَا يجزىء من الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة آيَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا ثَلَاث آيَات قصار أَو آيَة طَوِيلَة وَفِي السّفر يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَأي سُورَة شَاءَ وَيقْرَأ فِي الْحَضَر فِي الْفجْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ آيَة أَو خمسين آيَة سوى فَاتِحَة الْكتاب وَفِي الظّهْر مثل ذَلِك وَالْعصر وَالْعشَاء سَوَاء يقْرَأ فيهمَا بأوساط الْمفصل وَفِي الْمغرب دون ذَلِك يقْرَأ فِيهَا بقصار الْمفصل ويطيل الرَّكْعَة الأولى من الْفجْر على الثَّانِيَة وركعتا الظّهْر سَوَاء وَلَيْسَ فِي شَيْء من الصَّلَوَات قِرَاءَة سُورَة بِعَينهَا وَيكرهُ أَن يُوَقت بِشَيْء من الْقُرْآن لشَيْء من الصَّلَوَات وَلَا يقْرَأ الْمُؤْتَم خلف الإِمَام ويستمع وينصت وَإِن قَرَأَ الإِمَام آيَة التَّرْغِيب والترهيب وَكَذَلِكَ فِي الْخطْبَة وَكَذَلِكَ أَن صلى على النَّبِي ﵇
بَاب الْإِمَامَة
الْجَمَاعَة سنة مُؤَكدَة وَأولى النَّاس بِالْإِمَامَةِ أعلمهم بِالسنةِ فَإِن تساووا فأقرؤهم فَإِن تساووا فأورعهم فَإِن تساووا فأسنهم وَيكرهُ تَقْدِيم العَبْد والأعرابي وَالْفَاسِق وَالْأَعْمَى وَولد الزِّنَى وَإِن تقدمُوا جَازَ وَلَا يطول الإِمَام بهم الصَّلَاة وَيكرهُ للنِّسَاء أَن يصلين وحدهن الْجَمَاعَة وَإِن فعلن قَامَت الإِمَام وسطهن وَمن صلى مَعَ وَاحِد أَقَامَهُ عَن يَمِينه وَإِن أم اثْنَيْنِ تقدم عَلَيْهِمَا وَلَا يجوز للرِّجَال أَن يقتدوا بِامْرَأَة أَو صبي ويصف الرِّجَال ثمَّ الصّبيان ثمَّ النِّسَاء وَإِن حاذته امْرَأَة وهما مشتركان فِي صَلَاة وَاحِدَة فَسدتْ صلَاته وَإِن نوى الإِمَام أمامتها وَإِن لم ينْو إمامتها لم تضره وَلَا تجوز صلَاتهَا وَمن شَرَائِط الْمُحَاذَاة أَن تكون الصَّلَاة مُشْتَركَة وَإِن
1 / 16
تكون مُطلقَة وَأَن تكون الْمَرْأَة من أهل الشَّهْوَة وَإِلَّا يكون بَينهمَا حَائِل وَيكرهُ لَهُنَّ حُضُور الْجَمَاعَات وَلَا بَأْس للعجوز أَن تخرج فِي الْفجْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يخْرجن فِي الصَّلَوَات كلهَا وَلَا يُصَلِّي الطَّاهِر خلف من هُوَ فِي معنى الْمُسْتَحَاضَة وَلَا الطاهرة خلف الْمُسْتَحَاضَة وَلَا القارىء خلف الْأُمِّي وَلَا المكتسى خلف العاري وَيجوز أَن يؤم الْمُتَيَمم المتوضئين ويؤم الماسح الغاسلين وَيُصلي الْقَائِم خلف الْقَاعِد ويصل المومىء خلف مثله وَلَا يُصَلِّي الَّذِي يرْكَع وَيسْجد خلف المومىء وَلَا يُصَلِّي المفترض خلف المتنفل وَلَا من يُصَلِّي فرضا خلف من يُصَلِّي فرضا آخر وَيُصلي المتنفل خلف المفترض وَمن اقْتدى بِإِمَام ثمَّ علم أَن إِمَامه مُحدث أعَاد وَإِذا صلى أُمِّي بِقوم يقرأون وبقوم أُمِّيين فصلاتهم فَاسِدَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا صَلَاة الإِمَام وَمن لم يقْرَأ تَامَّة وَلَو كَانَ يُصَلِّي الْأُمِّي وَحده والقارىء وَحده جَازَ فَإِن قَرَأَ الإِمَام فِي ألأوليين ثمَّ قدم فِي الْأُخْرَيَيْنِ أُمِّيا فَسدتْ صلَاتهم
بَاب الْحَدث فِي الصَّلَاة
وَمن سبقه الْحَدث فِي الصَّلَاة انْصَرف فَإِن كَانَ إِمَامًا اسْتخْلف وَتَوَضَّأ وَبنى والاستئناف أفضل وَالْمُنْفَرد إِن شَاءَ أتم فِي منزله وَإِن شَاءَ عَاد إِلَى مَكَانَهُ والمقتدى يعود إِلَى مَكَانَهُ إِلَّا أَن يكون إِمَامه قد فرغ أَولا يكون بَينهمَا حَائِل وَمن ظن أَنه أحدث فَخرج من الْمَسْجِد ثمَّ علم أَنه لم يحدث اسْتقْبل الصَّلَاة وَإِن لم يكن خرج من الْمَسْجِد يُصَلِّي مَا بَقِي وَإِن جن أَو نَام فَاحْتَلَمَ أَو أغمى عَلَيْهِ اسْتقْبل وَإِن حصر الإِمَام عَن الْقِرَاءَة فَقدم غَيره أجزأهم عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجزئهم وَلَو قَرَأَ مِقْدَار مَا تجوز بِهِ الصَّلَاة لَا يجوز الِاسْتِخْلَاف بِالْإِجْمَاع وَإِن سبقه الْحَدث بعد التَّشَهُّد تَوَضَّأ وَسلم وَإِن تعمد الْحَدث فِي هَذِه الْحَالة أَو تكلم أَو عمل عملا يُنَافِي الصَّلَاة تمت صلَاته فَإِن رأى الْمُتَيَمم المَاء فِي صلَاته بطلت فَإِن رَآهُ بعد مَا قعد قدر التَّشَهُّد أَو كَانَ ماسحا فانقضت مُدَّة مَسحه أَو خلع خفيه بِعَمَل يسير أَو كَانَ أُمِّيا فتعلم سُورَة
1 / 17
أَو عُريَانا فَوجدَ ثوبا أَو مومئا فَقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود أَو تذكر فَائِتَة عَلَيْهِ قبل هَذِه أَو أحدث الإِمَام القارىء فاستخلف أُمِّيا أَو طلعت الشَّمْس فِي الْفجْر أَو دخل وَقت الْعَصْر وَهُوَ فِي الْجُمُعَة أَو كَانَ ماسحا على الْجَبِيرَة فَسَقَطت عَن برْء أَو كَانَ صَاحب عذر فَانْقَطع عذره كالمستحاضة وَمن بمعناها بطلت صلَاته فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ تمت صلَاته وَمن اقْتدى بِإِمَام بَعْدَمَا صلى رَكْعَة فأحدث الإِمَام فقدمه أَجزَأَهُ فَلَو تقدم يبتدىء من حَيْثُ انْتهى إِلَيْهِ الإِمَام وَإِذا انْتهى إِلَى السَّلَام يقدم مدْركا يسلم بهم فَلَو أَنه حِين أتم صَلَاة الإِمَام قهقه أَو أحدث مُتَعَمدا أَو تكلم أَو خرج من الْمَسْجِد فَسدتْ صلَاته وَصَلَاة الْقَوْم تَامَّة وَالْإِمَام الأول إِن كَانَ فرغ لَا تفْسد صلَاته وَإِن لم يفرغ تفْسد فَإِن لم يحدث الإِمَام الأول وَقعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ قهقه أَو أحدث مُتَعَمدا فَسدتْ صَلَاة الَّذِي لم يدْرك أول صلَاته عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا تفْسد وَإِن تكلم أَو خرج من الْمَسْجِد لم تفْسد فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَمن أحدث فِي رُكُوعه أَو سُجُوده توضأوبنى وَلَا يعْتد بِالَّتِي أحدث فِيهَا وَلَو تذكر وَهُوَ رَاكِع أَو ساجد أَن عَلَيْهِ سَجْدَة فَانْحَطَّ من رُكُوعه لَهَا أَو رفع رَأسه من سُجُوده فسجدها يُعِيد الرُّكُوع وَالسُّجُود وَمن أم رجلا وَاحِدًا فأحدث وَخرج من الْمَسْجِد فالمأموم إِمَام نوى أَو لم ينْو وَلَو لم يكن خَلفه إِلَّا صبي أَو امْرَأَة قيل تفْسد صلَاته وَقيل لَا تفْسد
بَاب مَا يفْسد الصَّلَاة وَمَا يكره فِيهَا
وَمن تكلم فِي صلَاته عَامِدًا أَو سَاهِيا بطلت صلَاته فَإِن أَن فِيهَا أَو تأوه أَو بَكَى فارتفع بكاؤه فَإِن كَانَ من ذكر الْجنَّة أَو النَّار لم يقطعهَا وَإِن كَانَ من وجع أَو مُصِيبَة قطعهَا وَإِن تنحنح بِغَيْر عذر وَحصل بِهِ الْحُرُوف يَنْبَغِي أَن يفْسد عِنْدهمَا وَإِن كَانَ بِعُذْر فَهُوَ عَفْو كالعطاس وَمن عطس فَقَالَ لَهُ آخر يَرْحَمك الله وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَسدتْ صلَاته وَإِن استفتح فَفتح عَلَيْهِ فِي صلَاته تفْسد وَإِن فتح على إِمَامه لم
1 / 18
يكن كلَاما مُفْسِدا وَيَنْوِي الْفَتْح على إِمَامه دون الْقِرَاءَة وَلَو كَانَ الإِمَام انْتقل إِلَى آيَة أُخْرَى تفْسد صَلَاة الفاتح وتفسد صَلَاة الإِمَام لَو أَخذ بقوله فَلَو أجَاب فِي الصَّلَاة رجلا بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَهُوَ كَلَام مُفسد عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يكون مُفْسِدا وَإِن أَرَادَ بِهِ إِعْلَامه أَنه فِي الصَّلَاة لم تفْسد بِالْإِجْمَاع وَمن صلى رَكْعَة من الظّهْر ثمَّ افْتتح الْعَصْر أَو التَّطَوُّع فقد نقض الظّهْر وَلَو افْتتح الظّهْر بعد مَا صلى مِنْهَا رَكْعَة فَهِيَ هِيَ ويجتزأ بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَإِذا قَرَأَ الإِمَام من الْمُصحف فَسدتْ صلَاته عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هِيَ تَامَّة إِلَّا أَنه يكره وَإِن مرت امْرَأَة بَين يَدي الْمُصَلِّي لم تقطع الصَّلَاة إِلَّا أَن الْمَار آثم وَيَنْبَغِي لمن يُصَلِّي فِي الصَّحرَاء أَن يتَّخذ مامه ستْرَة ومقدارها ذِرَاع فَصَاعِدا وَقيل يَنْبَغِي أَن تكون فِي غلظ الْأصْبع وَيقرب من الستْرَة وَيجْعَل الستْرَة على حاجبة الْأَيْمن أَو على الْأَيْسَر وسترة الإِمَام ستْرَة للْقَوْم وَيعْتَبر الغرز دون الْإِلْقَاء والخط ويدرأ الْمَار إِذا لم يكن بَين يَدَيْهِ ستْرَة أَو مر بَينه وَبَين الستْرَة ويدرأ بِالْإِشَارَةِ أَو يدْفع بالتسبيح وَيكرهُ الْجمع بَينهمَا
فصل وَيكرهُ مصلي أَن يعبث بِثَوْبِهِ أَو بجسده وَلَا يقلب الْحَصَى إِلَّا أَن لَا يُمكنهُ من السُّجُود فيسويه مرّة وَاحِدَة وَلَا يفرقع أَصَابِعه وَلَا يتخصر وَلَا يلْتَفت وَلَو نظر بمؤخر عَيْنَيْهِ يمنة أَو يسرة من غير أَن يلوي عُنُقه لَا يكره وَلَا يقعى وَلَا يفترش ذِرَاعَيْهِ وَلَا يرد السَّلَام بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ وَلَا يتربع إِلَّا من عذر وَلَا يعقص شعره وَلَا يكف ثَوْبه وَلَا يسدل ثَوْبه وَلَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَإِن أكل أَو شرب عَامِدًا أَو نَاسِيا فَسدتْ صلَاته وَلَا بَأْس بِأَن يكون مقَام الإِمَام فِي الْمَسْجِد وَسُجُوده فِي الطاق وَيكرهُ أَن يقوم فِي الطاق وَيكرهُ أَن يكون الإِمَام وَحده على الدّكان وَكَذَا على الْقلب فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَلَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي إِلَى ظهر رجل قَاعد يتحدث وَلَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي وَبَين يَدَيْهِ مصحف مُعَلّق أَو سيف مُعَلّق وَلَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي على بِسَاط
1 / 19
فِيهِ تصاوير وَلَا يسْجد على التصاوير وَيكرهُ أَن يكون فَوق رَأسه فِي السّقف أَو بَين يَدَيْهِ أَو بحذائه تصاوير أَو صُورَة معلقَة وَإِذا كَانَ التمثال مَقْطُوع الرَّأْس فَلَيْسَ بتمثال وَلَو كَانَت الصُّورَة على وسَادَة ملقاة أَو على بِسَاط مفروش لَا يكره وَلَو لبس ثوبا فِيهِ تصاوير يكره وَلَا يكره تِمْثَال غير ذِي الرّوح وَلَا بَأْس بقتل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب فِي الصَّلَاة وَيكرهُ عد الْآي والتسبيحات بِالْيَدِ فِي الصَّلَاة
فصل
وَيكرهُ اسْتِقْبَال الْقبْلَة بالفرج فِي الْخَلَاء وَتكره المجامعة فَوق الْمَسْجِد وَالْبَوْل والتخلي وَلَا بَأْس بالبول فَوق بَيت فِيهِ مَسْجِد وَيكرهُ أَن يغلق بَاب الْمَسْجِد وَلَا بَأْس بِأَن ينقش الْمَسْجِد بالجص والساج وَمَاء الذَّهَب
بَاب صَلَاة الْوتر
الْوتر وَاجِب عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا سنة وَالْوتر ثَلَاث رَكْعَات لَا يفصل بَينهُنَّ بِسَلام ويقنت فِي الثَّالِثَة قبل الرُّكُوع وَيقْرَأ فِي كل رَكْعَة من الْوتر فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَإِن أَرَادَ أَن يقنت كبر وَرفع يَدَيْهِ وقنت وَلَا يقنت فِي صَلَاة غَيرهَا فَإِن قنت الإِمَام فِي صَلَاة الْفجْر يسكت من خَلفه عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُتَابِعه
بَاب النَّوَافِل
السّنة رَكْعَتَانِ قبل الْفجْر وَأَرْبع قبل الظّهْر وَبعدهَا رَكْعَتَانِ وَأَرْبع قبل الْعَصْر وَإِن شَاءَ رَكْعَتَيْنِ وركعتان بعد الْمغرب وَأَرْبع قبل الْعشَاء وَأَرْبع بعْدهَا وَإِن شَاءَ رَكْعَتَيْنِ ونوافل النَّهَار إِن شَاءَ صلى بِتَسْلِيمَة رَكْعَتَيْنِ وَإِن شَاءَ أَرْبعا وَتكره الزِّيَادَة على ذَلِك وَأما نَافِلَة اللَّيْل قَالَ أَبُو حنيفَة إِن صلى ثَمَان رَكْعَات بِتَسْلِيمَة جَازَ وَتكره الزِّيَادَة على ذَلِك وَقَالا لَا يزِيد بِاللَّيْلِ على رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَة
1 / 20
فصل فِي الْقِرَاءَة
الْقِرَاءَة فِي الْفَرْض وَاجِبَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُخَيّر فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَالْقِرَاءَة وَاجِبَة فِي جَمِيع رَكْعَات النَّفْل وَفِي جَمِيع الْوتر وَمن شرع فِي نَافِلَة ثمَّ أفسدها قَضَاهَا وَإِن صلى أَرْبعا وَقَرَأَ فِي الْأَوليين وَقعد ثمَّ أفسد الْأُخْرَيَيْنِ قضى رَكْعَتَيْنِ وَإِن صلى أَرْبعا وَلم يقْرَأ فِيهِنَّ شَيْئا أعَاد رَكْعَتَيْنِ وَلَو قَرَأَ فِي الْأَوليين لَا غير فَعَلَيهِ قَضَاء الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاع وَلَو قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غير فَعَلَيهِ قَضَاء الْأَوليين بِالْإِجْمَاع وَلَو قَرَأَ فِي الْأَوليين وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيهِ قَضَاء الأحريين بِالْإِجْمَاع وَلَو قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأَوليين بِالْإِجْمَاع وَلَو قَرَأَ فِي إِحْدَى الْأَوليين وأحدى الْأُخْرَيَيْنِ على قَول أبي يُوسُف عَلَيْهِ قَضَاء الْأَرْبَع وَكَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَلَو قَرَأَ فِي إِحْدَى الْأَوليين لَا غير قضى أَرْبعا عِنْدهمَا وَعند مُحَمَّد قضى رَكْعَتَيْنِ وَلَو قَرَأَ فِي إِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا غير قضى أَرْبعا عِنْد أبي يُوسُف وَعِنْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَتَفْسِير قَوْله ﵇ لَا يُصَلِّي بعد صَلَاة مثلهَا يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَة وَرَكْعَتَيْنِ بِغَيْر قِرَاءَة فَيكون بَيَان فَرضِيَّة الْقِرَاءَة فِي رَكْعَات النَّفْل كلهَا وَيُصلي النَّافِلَة قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَأَن افتتحها قَائِما ثمَّ قعد من غير عذر جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَمن كَانَ خَارج الْمصر تنفل على دَابَّته إِلَى أَي جِهَة تَوَجَّهت يومىء إِيمَاء فَإِن افْتتح التَّطَوُّع رَاكِبًا ثمَّ نزل يَبْنِي وَإِن صلى رَكْعَة نازلا ثمَّ ركب اسْتقْبل
فصل فِي قيام شهر رَمَضَان
يسْتَحبّ أَن يجْتَمع النَّاس فِي شهر رَمَضَان بعد الْعشَاء فَيصَلي بهم إمَامهمْ خمس ترويحات كل ترويحه بتسليمتين وَيجْلس بَين كل ترويحتين مِقْدَار ترويحة ثمَّ يُوتر بهم وَالسّنة فِيهَا الْجَمَاعَة وَلَا يُصَلِّي الْوتر بِجَمَاعَة فِي غير رَمَضَان
بَاب إِدْرَاك الْفَرِيضَة
وَمن صلى رَكْعَة من الظّهْر ثمَّ أُقِيمَت يُصَلِّي أُخْرَى ثمَّ يدْخل مَعَ الْقَوْم وَإِن لم
1 / 21