وجدت عنده الكاتبة الأردنية التي تعرفت عليها في الصباح، والفتاة السمراء التي كانت في مكتبه، وشابين ليبيين من السفارة . تجمعنا في صالة كبيرة تكدست بها قطع الأثاث الفخمة، من كنبتين لوي كانز تحتل كل منهما مترا مربعا ونصف المتر، إلى طاولات ضخمة محفورة يعلوها رخام أسود.
كان الليبيان يجلسان متجاورين في طرف إحدى الكنبات، وفي مواجهة المرأتين. وبينما استرخت السمراء في مقعدها باطمئنان، وفي يدها كأس من الويسكي، استقرت الأردنية فوق حافة المقعد، حاملة سلسلة مفاتيح في يدها، كأنها مستعدة للقيام في أي لحظة.
جلست بالقرب من الليبيين، بحيث صارت السمراء أمامي مباشرة. أحضر لي صفوان كأسا من الويسكي، ثم ظهرت زوجته تحمل عددا من الأطباق. كانت أكبر منه في الحجم، وأصغر منه في السن بفارق واضح. وكانت تتحرك بفتور ظاهر، وعندما صافحتني ابتسمت، لكن الابتسامة لم تجاوز شفتيها.
سمعتهم يخاطبون السمراء باسم راندة. ورأيتها قد فرغت من كأسها فملأته من جديد، ورفضت الأردنية أن تشرب، وجعلت تنقل البصر بين الحاضرين، ثم قامت فجأة وقالت إنها مضطرة إلى الذهاب؛ لأنها ستسافر في الصباح الباكر.
حاول صفوان أن يثنيها عن عزمها دون جدوى، فودعها إلى الباب. وجلس إلى جوار الليبيين بعد أن أدار شريطا لفيروز. ولم تشترك زوجته في الأكل أو الشراب، إنما جلست مكان الأردنية، وأمسكت بذراع «أرجيلة» وأقبلت تدخن، وقد شردت نظراتها.
كانت راندة تجرع الويسكي بشراهة وثبات. وتطلعت إليها عدة مرات، لكنها تجنبت نظراتي.
انتقلت فجأة إلى جوارها قائلا: تعجبني الطريقة التي تشربين بها.
ضحكت ولم تعلق بشيء، ثم وجهت انتباهها إلى الحديث الذي كان يدور بين صفوان والشابين الليبيين.
ملأت كأسي وسمعتها تقول لصفوان: سيأخذان ألف نسخة من كل كتاب.
بادر أكبر الليبيين سنا يقول: لم نقرر بعد.
Unknown page