قال: الحساب تم على أساس عشرة بالمائة.
قلت: أظن أنه يستحق خمسة عشر بالمائة.
قال: نحن لا ندفع للمؤلف أكثر من عشرة بالمائة، هذه سياستنا.
قمت بحساب سريع لما سيعود علي من نشر كتابي طبقا لهذه النسبة. وقررت ألا أقدم إليه المخطوطة التي حملت معي نسخها. وعندما فرغت قهوتي قمت واقفا وأنا أقول: سأنقل إليه كلامك.
كانت هناك دار أخرى تحمل اسم «الناشر المعاصر» بالقرب من جامع جمال عبد الناصر، ترجع نشأتها إلى بداية الخمسينيات، واشتهرت بنشر ترجمات الكتب الرائجة في الغرب. لكن رواج هذه الكتب لم يستمر طويلا. ومن ناحية انتشرت الدور المنافسة المدعومة جيدا من الدول العربية البترولية. وأدى هذا إلى تدهور أمرها في بداية السبعينيات، حتى أوشكت أن تخرج نهائيا من سوق النشر. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت نشاطا مفاجئا لها، مما يعني أن صاحبها قد عثر على مصدر جيد من مصادر التمويل.
لم أجد صاحب الدار في مكتبه، فتركت له صورة من المخطوطة مع رسالة موجزة تتضمن رقم تليفون وديع. وأخذت سيارة أجرة إلى الحمرا. ولم أجد صعوبة في الاهتداء إلى مقر الدار التي أسسها صفوان ملحم منذ عامين.
استقبلتني فتاة سمراء، قصيرة القامة، ذات عينين واسعتين ووجه صارم التقاطيع. وما لبث صفوان أن خرج إلي، فتعانقنا، ومضيت معه إلى مكتبه.
شربنا القهوة، ونحن نتذاكر ظروف تعارفنا في نهاية الستينيات. وكان وقتها محررا ضئيل الشأن في إحدى الصحف اللبنانية التي كانت تمولها السفارة المصرية.
أعطيته رسالة مماثلة لتلك التي أعطيتها لمدير دار «التقدم»، بشأن كتاب آخر لصديقي، نشره له صفوان في بداية نشاطه، فتناول ملفا من خزانة خلفه، وقلب محتوياته، ثم دون بعض الأرقام في ورقة، وقدمها إلي وهو يبتسم في أسف قائلا: ليس له شيء؛ فما وزعناه من كتابه حتى الآن لم يتجاوز 990 نسخة. وبحساب ما وصله فعلا من مال، يكون قد أخذ حقه وزيادة.
سألته: على أساس أي نسبة؟
Unknown page