Balagha Casriyya Wa Lugha Carabiyya
البلاغة العصرية واللغة العربية
Genres
لنعد إلى الكلمات الفنية والأدبية، فإن كلمة لغة عندما نتأمل اشتقاقها العربي نجد أنه لا يتلاءم مع المعنى؛ إذ ليست هي من اللغو وإنما هي كلمة «لوغوس» (والسين زائدة) في اللاتينية بمعنى الكلمة. «والقرطاس» لاتينية واشتقاقاتها كثيرة في اللغات الأوروبية، وظني أن «كراس وكراسة» محرفان عنها وكلها بمعنى «الورق».
وكذلك «القلم» فهو كلمة لاتينية ما زلنا نجدها في قولهم عن زلة القلم «أبسيس كلموس».
وانظر إلى كلمة «زخرفة» وهي تزيين الجدران بالرسوم فإنها «زوجراف»؛ أي رسم الحيوان.
ولا نذكر هنا كلمات الفلسفة والسفسطة والجغرافيا والتاريخ؛ فإنها جميعها لاتينية إغريقية وكلمة «أرخ» الذي اشتققنا منها تاريخ، تعني: القديم.
ومن كلمات البناء: البرج والبلاط والقرميد والإفريز، وكذلك كلمة قرية، فإنها لاتينية وقد وجدنا لها صيغة وهي «كورة»، ولكننا خصصنا هذه الثانية للإقليم.
وكذلك كلمة عقار، فإنها هي نفسها «أكر» الإنجليزية الحاضرة التي تعود إلى أصل لاتيني بمعنى الأرض.
ولكن ربما يزيد استغرابنا عندما نجد أن هناك كلمات أصيلة في القضاء والشرع تعود إلى أصل لاتيني إغريقي مثل: «الزكاة» أي: العشر «ذكات» ومثل «الميراث المشتق» من الأصل «إرث» وهي الكلمة الإغريقية «إريس» ومثل «القسطاس»؛ أي العدل، وهي بلفظها ومعناها في اللاتينية، ومثل «القاضي» كذلك إذ هي لفظا ومعنى لاتينية، وكذلك القانون.
وكنت أقرأ سورة «والنجم إذا هوى» فوجدت أن تفسير «سدرة المنتهى» لا يتفق مع المعاني التي تنطوي عليها هذه السورة الخاصة بالنجوم؛ إذ يقال في الكتب العربية إن «سدرة» هي شجرة، ولكن ليس هناك شك في أن «سدرة المنتهى» هي «النجم الأخير» وهو في اللاتينية «سيديرا أولتيما».
هذه الكلمات ومئات غيرها هي رواسب الدولة الرومانية في الأقطار العربية، ولا عجب أن كلمة «فدان» لا تزال تحمل معناها الروماني القديم، وأنها هي الأصل في المعنى الإقطاعي للنظام الاجتماعي الذي كان يعيش في القرون المظلمة.
وكثير ممن يتحمسون لما يزعمون أنه تقاليد «شرقية» أو عربية يجهلون ذلك جهلا محزنا ويعارضون في تطورنا معارضة مؤذية؛ لأنهم إنما يتحمسون لأحافير رومانية قد تحجرت في بلادنا بعد أن تخلص منها أبناء الرومان؛ أي الإيطاليون.
Unknown page