ولكن حصلت الطامة الكبرى أن كل منهم غير مسلم أنه يكون محتسبا وأنه إمام كامل الشروط، وهو لا يستنبط مسألة ولا يجيب بعرفان في حادثة، فهذه القضية الكبرى، والحالة التي تزاحمت فيها الأهواء، وكل من أصحابهم قائم معهم، غير معترف بنقص مراتبهم، وبعضهم مضطر إلى كتم ما يكرهه من نزع الأمر عنه خشية واتقاء فعند هذا وتعذر انخراطه رجع القول إلى قول أهل السنة في تقرير مدعي الإمامات القهرية بالغلبة القسرية، فمن غلب منهم جرى عليه أمرهم[170/ب].
وفي هذا الشهر اشتد الجوع والغلاء في الأسعار مع جميع المسلمين، بلغ القدح البر إلى خمسة حروف والذرة إلى أربعة ونصف والشعير ثلاثة وربع، وعم الغني والفقير، والله لطيف بعباده.
وزادت الشدة مع أهل شهارة بقل الطعام، لما نفد حصن مبين هذه الايام انقطع السياق من تهامة وعدم الثمار في حجة والشرف هذه المدة إلا ثمرة حقيرة من الربيع لا تكاد تكفي إلا أهلها، مع ما نالهم من المشاركة للرتب بمطالباتهم لهم فيها، فضاقت أنفا سهم من ذلك الأمر.
وجاء الخبر من الجهات الهندية أنه خرج خارجي على سلطانها من الرازبوت، وفعلوا مع عساكر سلطان الإسلام فعلة عظيمة ومكيدة جسيمة عليهم فكسرهم فهلك منهم طائفة، ثم انعطف عساكر سلطان الإسلام عليهم، فكسروهم وقتلوا منهم، وكسروا شوكتهم.
وفي هذا الشهر[171/أ] فرق محمد بن المتوكل إسماعيل بن القاسم الصدقة الهندية التي كانت وصلت، وهي من سلطان الهند للشرايف والأشراف تفرق، وعلى الفقراء من أهل اليمن تنفق، فوافقت هذه الأزمة الشديدة، فصارت في محلها، وكان للسلطان بها الثواب الجزيل، خصوصا مع موافقة الحاجة إليها، فانظر هذه الصدقة التي جاءت من الأقطار البعيدة من غير سؤال خالصة نافعة.
وهذه الدولة كانت هي الأولى بالصرف لفقراء جهاتها، وأنه لا يضيع عمل عامل، والله يقول: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه }.
Page 509