وَقَالَ مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ المنجم: عقد الْمَأْمُون لِوَاء ذِي اليمينين طَاهِر ابْن الْحُسَيْن على الغرب كُله بعد قدومه مَدِينَة السَّلَام بِشَهْر، وَكَانَ طَاهِر كلم الْمَأْمُون فِي لِبَاس الخضرة فطرحها بعد دُخُوله بَغْدَاد بِثمَانِيَة أَيَّام، وَلما تولى طَاهِر بِبَغْدَاد الشرطة لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من ذِي الْقعدَة. ثمَّ ولى طَاهِر خُرَاسَان فِي سنة خمس وَمِائَتَيْنِ فِي ذِي الْقعدَة وَخرج طَلْحَة بن طَاهِر على مقدمته إِلَى خُرَاسَان؛ ثمَّ كَانَ خُرُوجه من بَغْدَاد إِلَى خُرَاسَان فِي ذِي الْحجَّة، وَكَانَ خُرُوج أبي الْعَبَّاس عبد اللَّهِ بن طَاهِر بعد خُرُوج طَاهِر إِلَى خُرَاسَان إِلَى الجزيرة لمحاربة نصر بن شبث الْعقيلِيّ، وَكَانَ ظفر عبد اللَّهِ بن طَاهِر بنصر بن شبث وادخاله مَدِينَة السَّلَام يَوْم الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ من رَجَب سنة تسع وَمِائَتَيْنِ.
قَالَ الْقَاسِم بن سعيد: سَمِعت الْفضل بن مَرْوَان يَقُول ركب طَاهِر بن الْحُسَيْن وَيحيى بن معَاذ، وَأحمد بن أبي خَالِد يَوْمًا من الْأَيَّام بعد دُخُول الْمَأْمُون بَغْدَاد حراقة وعصفت عَلَيْهِم الرّيح عصوفا شَدِيدا وَقد قربوا من دَار أبي إِسْحَاق فَقَالُوا: نخرج إِلَى أبي إِسْحَاق فَإِن الرّيح قد منعتنا من السّير. قَالَ: فَخَرجُوا إِلَى أبي إِسْحَاق فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْقِيَامَة لمفاجأتهم اياه. قَالَ: وَلم يكن تغدى بعد فوظيفته على حَالهَا قَالَ الْفضل: فوجهت فِي الإزدياد، وَأمرت بطبق صَغِير فِيهِ رغيف أَو اثْنَان وفروج وَمَا أشبه ذَلِك فَوضع بَين أَيْديهم ليتشاغلوا بِهِ إِلَى أَن يدْرك مَا تقدّمت فِي تهيئته. قَالَ: فَقَالَ أَحْمد بن أبي خَالِد: لَيْسَ هَذَا وَقت طَعَام ارْفَعُوا هَذَا السَّاعَة. فَقَالَ طَاهِر: أما إِذْ كَانَ هَذَا لَيْسَ وَقت طَعَام لِأَحْمَد بن يزِيد فَلَيْسَ وَقت طعامنا نَحن إِلَّا بعد ثَلَاثَة أَيَّام. قَالَ: ثمَّ أدْرك الطَّعَام فَكَانَ الْأَمر جميلا جدا. وَبلغ الْمَأْمُون فَسَأَلَ أَبَا اسحاق عَنهُ. فَأخْبرهُ فَجعل يَقُول: لقد احتال الْفضل وملح طَاهِر.
1 / 35