ذكر خُرُوج عبد اللَّهِ بن طَاهِر إِلَى مُضر لمحاربة نصر بن شبث واستخلافه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم على مَدِينَة السَّلَام
حَدثنِي يحيى بن الْحسن بن عبد الْخَالِق قَالَ: لما كَانَ فِي شهر رَمَضَان من سنة خمس أوست دَعَا الْمَأْمُون عبد اللَّهِ بن طَاهِر فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا عبد اللَّهِ: إِنِّي استخير اللَّهِ مُنْذُ شهر وَأَرْجُو أَن يُخَيّر اللَّهِ لي، وَرَأَيْت الرجل يصف ابْنه ليطريه لرأيه فِيهِ وليرفعه ورأيتك فَوق مَا قَالَ أَبوك فِيك وَقد مَاتَ يحيى بن معَاذ واستخلف ابْنه أَحْمد بن يحيى وَلَيْسَ بِشَيْء، وَقد رَأَيْت توليتك مُضر ومحاربة نصر بن شبث. فَقَالَ: السّمع وَالطَّاعَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأَرْجُو أَن يَجْعَل اللَّهِ لأمير الْمُؤمنِينَ الْخيرَة وللمسلمين. قَالَ فعقد لَهُ. ثمَّ أَمر أَن تقطع حبال القصارين عَن طَرِيقه [وَتَنَحَّى] عَن الطرقات [المظال] لِئَلَّا يكون فِي طَرِيقه مَا يرد لِوَاءُهُ ثمَّ عقد لَهُ لِوَاء [مَكْتُوبًا] عَلَيْهِ بصفرة مَا يكْتب على الألوية وَزَاد فِيهِ الْمَأْمُون يَا مَنْصُور. وَخرج وَمَعَهُ النَّاس فَصَارَ إِلَى منزله، وَلما كَانَ من غَد ركب إِلَيْهِ النَّاس وَركب الْفضل بن الرّبيع فَأَقَامَ عِنْده اللَّيْل. قَالَ: فَقَامَ الْفضل فَقَالَ عبد اللَّهِ: يَا أَبَا الْعَبَّاس قد تفضلت وأحسنت وَقد تقدم أبي وأخوك إِلَى أَن لَا أقطع أمرا دُونك، وَاحْتَاجَ أَن استطلع رَأْيك وأستضئ بمشورتك، فَإِن رَأَيْت أَن تقيم عِنْدِي إِلَى أَن نفطر فأفعل؟ قَالَ: فَقَالَ الْفضل: إِن لي حالات لَيْسَ يمكنني مَعهَا الْإِفْطَار هَهُنَا. قَالَ: إِن كنت تكره طَعَام أهل خُرَاسَان فَابْعَثْ إِلَى مطبخك يَأْتُوا بطعامك فَقَالَ لَهُ: إِن لي رَكْعَات بَين الْعشَاء وَالْعَتَمَة. قَالَ: فَفِي حفظ اللَّهِ قَالَ: وَخرج مَعَه إِلَى صحن دَاره يشاوره فِي خَالص أُمُوره.
1 / 25