أ
وَعَن مَكَانَهُ وَمَكَان أَبِيه مِنْهُ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: مَا أعجب أُمُور الْخُلَفَاء يَنْبُتُونَ الرجل ثمَّ يخطؤنه فَلَا يبقون غَايَة من الْأُمُور الا بلغوه إِيَّاهَا فِي مِقْدَار قريب. قَالَ ثمَّ أمسك وَأَمْسَكت ثمَّ قَالَ: يَا عَليّ كَأَنِّي فِي نَفسك السَّاعَة تَقول كَيفَ أخطيت الْفضل بن الرّبيع؟ نعم. كَانَ يدبر الْخَطَأ فَيَقَع صَوَابا، وَيبْعَث بالجيش الضَّعِيف فَيَقَع بِهِ النَّصْر وادبر أَنا فَيَقَع بِغَيْر ذَلِك، فَلَمَّا وقفت على البصيرة من أَمْرِي، وفكرت فِي نَفسِي، وعملت بالاحزم فِي ذَلِك ملت إِلَى الحزم فوردت الْعرَاق، وَإِن الْفضل ابْن الرّبيع بَقِيَّة الموَالِي فَلَا تخبره بذلك عني فَإِنِّي أكره أَن يبلغهُ عني مَا يسره.
وحَدثني يحيى بن الْحسن قَالَ: كَانَ على بن صَالح إِذا جَاءَهُ خبر يسره من قبل الْمَأْمُون فِي الْفضل قَالَ الخادمة يسر: قل لنجاح خَادِم الْفضل كَذَا. وَكَذَا. لِئَلَّا يَحْنَث إِن وَقعت يَمِين.
وحَدثني: يحيى بن الْحسن قَالَ: كَانَ الْفضل يَقُول فِي أَيَّام الْمَأْمُون: مَا بَقِي لي من عَقْلِي أحب إِلَيّ مِمَّا ذهب من مَالِي. قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو الْحسن بن عبد الْخَالِق قَالَ: كَانَ الْفضل يَقُول: لَا يسود الرجل حَتَّى يشْتم، ويعرض، ويحلم. وحَدثني يحيى بن الْحسن قَالَ: رَأَيْت الْفضل بن الرّبيع وَقد دخل الْمَقْصُورَة يَوْم الْجُمُعَة أَيَّام الْمَأْمُون فَقدم دَابَّته حَيْثُ خرج فَوق مرتبته. فَقَالَ يَا غُلَام: أردد الدَّابَّة لست أركب من هَا هُنَا.
وحَدثني يحيى. قَالَ: حَدثنِي أَبُو الْحسن بن عبد الْخَالِق قَالَ: كنت عِنْد الْفضل ابْن الرّبيع ذَات عَشِيَّة فِي أَيَّام الْمَأْمُون وَهُوَ فِي منظرته الَّتِي تشرع إِلَى الميدان وَمَعَهُ فِي مجْلِس المنظرة امْرَأَة تحدثه لَا أدرى من هِيَ وَهُوَ مقبل عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي الدَّار الَّذِي حوله الْمَأْمُون إِلَيْهَا وَهِي دَار الْعَبَّاس ابْنه وَكَانَ يُؤَدِّي عَنْهَا ألفا فِي الشَّهْر إِذْ دخل عَلَيْهِ أَبُو حَلِيم خادمة فَقَالَ: أَبُو الْعَتَاهِيَة بِالْبَابِ. قَالَ: أدخلهُ. قَالَ: فَدخل فحادثه سَاعَة ثمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاق فِي قَلْبك من عتبَة شَيْء؟ قَالَ ذهب ذَاك وَخرج قَالَ: فَبَقيت مِنْهُ بَاقِيَة؟ قَالَ لَا وَالله. قَالَ: فَهَذِهِ وَالله عتبَة. قَالَ: فَنظر إِلَيْهَا وَخرج
1 / 18