وبينما هما تسيران، صاحت سيسي بغتة تقول لراشيل: «هنا قبعة فوق الحشائش.» فاتجهتا معا نحو القبعة، والتقطتها راشيل بسرعة، وما إن ألقت عليها نظرة حتى ارتعدت فرائصها من رأسها إلى قدميها، إذ قرأت بداخل تلك القبعة، اسم ستيفن بلاكبول. لا بد أن بقيت هذه القبعة فوق الحشائش بضعة أيام، إذ بللها المطر والندى، فهمست سيسي تقول: «سأسير وحدي مسافة قصيرة.»
ما إن همت سيسي بالتقدم خطوة واحدة، حتى صرخت راشيل وأمسكتها بكلتا ذراعيها. فأمامهما، وتحت أقدامهما مباشرة، حافة حفرة واسعة تخفيها الحشائش الكثيفة. فقفزتا إلى الخلف، في وقت واحد، ووقعتا على ركابهما.
صاحت راشيل تقول: «وا ربي الرحيم! إنه في أسفل هذه الحفرة، أسفلها.»
فقالت سيسي: «يا راشيل، قد يكون ستيفن حيا.» وذهبت إلى حافة الحفرة، ونادت بأعلى صوتها، ولكن، ما من صوت رد عليها.
سارت الفتاتان بعد ذلك في جهتين مختلفتين بحثا عن نجدة، وأخذت سيسي تجري من مكان إلى آخر، حتى وجدت اثنين من عمال السكة الحديدية، فأخبرتهما بخبرها، فذهبا معها، وجمعا رجالا آخرين، وجاء طبيب من كوكتاون ومعه أناس آخرون.
وأخيرا، أخرج ستيفن من الحفرة ضعيفا جدا. فأرقدوه على الأرض وذهبت إليه راشيل.
أدليت شمعة متقدة في تلك الحفرة، في الساعة الخامسة مساء لتجربة الهواء الذي بداخل الحفرة ومعرفة ما إذا كان صالحا للنفس. ولما أخرجت الشمعة كانت لا تزال مشتعلة. فربط دلو بحبل، وأنزل رجلان إلى قاع الحفرة.
عاد أحد هذين الرجلين، فعلا صياح الناس يقولون: «أهو حي أم ميت؟» فلما أخبرهم بأنه حي، علت صيحة فرحة عظمى شكرا لله، وترقرقت الدموع في عدة عيون.
أردف الرجل الذي خرج من الحفرة، يقول: «ولكنه مصاب بفظاعة؛ أين الطبيب؟»
كان ستيفن يحاول عبور تلك المنطقة الخطرة بعد أن هبط الظلام، وكان يسرع الخطو ليعود إلى كوكتاون لينقذ سمعته.
Unknown page