وتساءل عم شافعي وهو يجفف أنفه بظهر يده: وأي الألوان تفضل يا عم حجازي؟ - اختر لونا لا يتوسخ بسرعة، فهذا أضمن للنظافة.
وواصل حديثه للأصحاب فقال: ويوم فقأ دعبس عين كعبلها فقأ جبل عينه، فبالجبروت أقام العدل!
وتنهد رفاعة بصوت مسموع وقال: لا يعوزنا الجبروت، كل ساعة من نهار أو ليل نرى أناسا يضربون ويجرحون ويقتلون، حتى النساء ينشبن الأظافر حتى تسيل الدماء، ولكن أين العدل؟ ألا ما أقبح هذا كله!
ووجم الجميع لحظة ثم قال حنورة، وكان يتكلم لأول مرة: هذا المعلم الصغير يحتقر حارتنا! إنه رقيق أكثر من اللازم وأنت السبب يا معلم شافعي. - أنا؟! - نعم، إنه شاب مدلع.
والتفت حجازي نحو رفاعة وقال ضاحكا: خير من هذا أن تجد لنفسك عروسا!
وتعالى الضحك، فقطب عم شافعي، وتورد وجه رفاعة، وعاد حجازي يقول مؤكدا: القوة .. القوة، بغيرها لا يسود العدل!
فقال رفاعة بإصرار على رغم نظرات أبيه إليه: الحق أن حارتنا في حاجة إلى الرحمة.
فضحك برهوم التربي قائلا: أتريد أن تخرب بيتي؟
وضجوا بالضحك، وأعقب ذلك نوبات سعال، حتى قال حجازي وقد صارت عيناه في لون الغرا: قديما ذهب جبل إلى الأفندي يسأله العدل والرحمة، فأرسل إليه زقلط ورجاله، ولولا النبابيت - لا الرحمة - لهلك جبل وآله.
وهتف عم شافعي محذرا: يا هوه! للحيطان آذان، ولو سمعوكم ما وجدتم من يسمي عليكم.
Unknown page